كلما مر بك العمر شعرت أن عيدك هو مجرد يوم كئيب تستعرض فيه ذكريات رائعة وجميلة لأحبابك الذين أصبحوا تحت التراب؛ لقد كانوا هم جمال العيد وروعته وبهجته، وهم الذين جعلوك بقلوبهم البيضاء تشعر بقيمة وجودك في هذه الدنيا. لم يتغيَّر العيد بالطبع، ولكننا نفتقد الذين أحببناهم في كل عيد، وللذين تعلمنا معهم فرحة العيد الأولى وزهوه النادي.. الأعياد هي أكثر أيام العام ألفة ومودة وفرحاً، ولذلك يتذكر الأحباب بعضهم في العيد بشكل استثنائي، ويحنون إلى تلك المساحات القريبة جداً بين الأرواح. كل إنسان في هذه الدنيا يرتبط عادة مع جيله ورفاقه المقربين الذين يفهمهم ويفهمونه، وحينما يتناقص عددهم أو يرحلون فإنه لا يتأقلم بسهولة مع زحف الوجوه الجديدة، ويظن أن ما يحدث هو نتيجة طبيعية لتغير الأيام والليالي.. لقد تغيرت نظرتك أنت وزادت تجاعيد زمنك، وفقدت الوجوه التي تحبها وتألفها، ولا شيء آخر. الأعياد هي الوجوه الضاحكة والعيون التي تحتويك بطيبتها وصفائها وتتقرب إليك بكلامها العذب الصادق، وكلما غابت تلك الوجوه وضرب الزمن بقسوته بيننا وبينهم كلما أخذنا الحنين إليهم وظننا أن التغيير شامل، وأن هذا زمن لم يعد يليق بنا ولا بالحالمين أمثالنا.. هذا وهم. افرحوا بأعيادكم كما هي، وتعايشوا مع الواقع كما هو فهو جميل إن تأملتموه.. أما الأحباب الذين غابوا فندعو لهم من قلوبنا بالرحمة والمغفرة، والله لقد افتقدناكم أكثر مما كنا نظن.