أثمرت جهود الهيئة العامة للسياحة والآثار في مجال استعادة الآثار الوطنية التي خرجت من المملكة بشكل غير نظامي، عن استعادة أكثر من 14 ألف قطعة أثرية، من بينها قطع خرجت خلال الاستكشافات وقدوم الخبراء إلى المملكة، وأخرى مضى على اختفائها أكثر من خمسين عاماً. وتعود القطع التي تمت استعادتها، سواء من خارج المملكة، أو داخلها، إلى عصور مختلفة، وبعضها يعود إلى عصر ما قبل الإسلام، وأخرى إلى فترة العصر الحجري القديم الأوسط، إضافة إلى قطع أخرى تعود إلى عصر صدر الإسلام. وقد تجاوب عدد من المواطنين وأصحاب المتاحف الخاصة مع الحملة التي أطلقتها الهيئة العامة للسياحة والآثار لاستعادة الآثار الوطنية. “الشرق” التقت عدداً من المواطنين وأصحاب المتاحف الخاصة. الدعم المادي ذكر أحمد بن معتق أنه سلم نيابة عن والده (محمد بن معتق) أربع قطع أثرية، وهي عبارة عن نقوش إسلامية تعود للعصر الإسلامي، أعمارها ما بين ألف إلى ثمانية آلاف سنة، بدافع الواجب الوطني، وتلبية لنداء الحملة الوطنية لاستعادة الآثار الوطنية. وأشار ابن معتق أن والده لديه متحف خاص (متحف بن معتق للتراث والمخطوطات الوثائقية في بلاد قحطان)، بعدما جمع والده القطع خلال أربعين سنة، افتتح المتحف سنة 1416ه، وهو مدرج ضمن المعالم السياحية في منطقة عسير. ويضم ثلاثة آلاف وخمسمائة كتاب مخطوط، من أحاديث وخطب للرسول عليه الصلاة السلام، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وكذلك كتب تعليم اللغة العربية بالشعر. ويوجد فيه ستمائة وثيقة قبلية بين القبائل، وبنادق أثرية قديمة، وأدوات الزراعة القديمة. ويأمل ابن معتق أن يتلقى أصحاب المتاحف الخاصة الدعم المادي، موضحاً أن المتاحف الخاصة تستقبل الزوار مجاناً، وتقدم الضيافة لهم، وهنالك تكاليف لصيانة المتحف والعناية به، من ترميم ونظافة وغيره، فهي تكلف كثيراً. سيارات تراثية وقال صاحب متحف دار الأجداد للتراث ضيف الله الغفيلي “سلمت قطعة أثرية واحدة وجدتها في منطقة تبعد عن محافظة الرس 250 كيلومتراً، وهو واجب وطني للمحافظة على تراثنا”. وأشار الغفيلي أن متحفه عبارة عن بيت طين عمره ثلاثة وسبعون سنة، ويضم عدداً من السيارات القديمة التراثية والكلاسيكية، كما أوضح الغفيلي أن اهتمامه بمتحفه الخاص، واستقبال زواره، نابع من الهواية، وحبه للتراث، كما يساهم في التعريف بتراث بلاده للجيل الحالي. وفي الإطار، قال علي القرني “سلمت قطعة أثرية واحدة، وهي عبارة عن مجسم من الحجر الخالص يحتوي على عدد من الرسومات، وجدها في إحدى القرى التابعة لمحافظة بيشة، بدافع الواجب الوطني، واستجابة لحملة استعادة الآثار الوطنية”. ودعا القرني المواطنين كافة ألا يفكروا ببيع الآثار من أجل المال، وأن يبادروا إلى تسليمها لهيئة السياحة لحمايتها وحفظها. درب زبيدة وذكر محمد سعود الحمود أنه قام بتسليم 25 قطعة أثرية مختلفة من منطقة الرياض، بعضها يعود إلى العصور الحجرية قبل عشرة آلاف سنة، إضافة إلى قطعة يعود تاريخها إلى فترة ما قبل الإسلام، ومن أهمها نقش ميلي على درب زبيدة. وحول كيفية الحصول على هذا القطع، قال الحمود “بعض القطع حصلت عليها عن طريق الشراء من المزادات التي كانت تقام في مدينة الرياض”. وعن الأسباب التي دفعته إلى تسليم هذه القطع الأثرية، قال الحمود “ما دفعني إلى تسليم هذه القطع هو دعم وتوجيه خادم الحرمين الشريفين للهيئة لتبني حملة استعادة الآثار الوطنية، حتى يتم عرضها في متاحف المملكة المختلفة، وما يهمني هو أن يتعرف الناس عليها، لأنها تعكس حضارة وتاريخ المملكة”. كما نصح الحمود من يمتلكون قطعاً أثرية المبادرة إلى تسليمها للهيئة العامة للسياحة والآثار، قائلاً “هيئة السياحة هي القادرة على حمايتها والحفاظ عليها، لاسيما أن قطع الآثار عندما نحتفظ بها في منازلنا لا يطلع عليها أحد، لكن عندما تكون في المتاحف سيطلع عليها المواطنون والأجانب من مختلف الجنسيات، حتى يعرف الجميع تراثنا وتاريخنا”. تطوير ودعم وحول الخطط المستقبلية لدعم أصحاب المتاحف الخاصة، قال نائب الرئيس للآثار والمتاحف الدكتور علي إبراهيم الغبان “تولي الهيئة العامة للسياحة والآثار المتاحف الخاصة أهمية كبيرة، وتقدر أصحابها الذين يحافظون على الإرث الحضاري للمملكة العربية السعودية، وتعمل على تطوير ودعم المتاحف الخاصة في كل مناطق المملكة، وتحاول مع شركائها توفير الخدمات لهم. كما عقدت الهيئة عدداً من اللقاءات مع أصحاب المتاحف الخاصة للتعرف على احتياجاتهم بشكل دقيق، ومنها أن يكون لتلك المتاحف مواقع مناسبة. وعقدت الهيئة برعاية الأمير سلطان بن سلمان منتصف العام الماضي الملتقى الأول لأصحاب المتاحف الخاصة، في الرياض، وهو الملتقى الذي سيعقد كل عامين في إحدى مناطق المملكة”. توصيات وفي إطار تنفيذ توصيات الملتقى، طلبت الهيئة من وزارة الشؤون البلدية والقروية توفير أراض لتلك المتاحف، وتجاوبت الوزارة مشكورة، حيث وجه الأمير منصور بن متعب أمانات المناطق بتخصيص مواقع مناسبة تابعة للوزارة لأصحاب المتاحف الخاصة لبناء متاحفهم فيها، وقامت الهيئة بإبلاغ أصحاب المتاحف الخاصة للتنسيق مع الأمانات في هذا الشأن، كما عقدت الهيئة أخيراً دورة تثقيفية لأصحاب المتاحف الخاصة في المتحف الوطني، وتضمنت الدورة إلقاء محاضرتين حول العرض المتحفي وصيانة الآثار. تراخيص مؤقتة كما تقدم الهيئة خدمات أخرى لأصحاب المتاحف الخاصة، حيث تقوم بتقييم المتاحف الخاصة والترخيص لها مؤقتاً لحين صدور مشروع نظام الآثار والمتاحف الجديد الذي يتضمن تنظيم العمل في هذه المتاحف، وضوابط ترخيصها، والتعريف بالمتاحف، وتقديم الدعم الفني المتعلق بالعروض المتحفية، وترميم القطع الأثرية المصنفة كتراث وطني، ومتابعة تشغيلها. خمسمائة متحف وتسعى الهيئة إلى تطوير تلك المتاحف من حيث أساليب العروض المتحفية، وخزائن العرض ومناسبتها لطبيعة المواد المعروضة، والمطبوعات التي تناسب الزوار بمختلف مستوياتهم العمرية والثقافية. ويبلغ عدد المتاحف الخاصة والمجموعات في المملكة نحو خمسمائة متحف ومجموعة، وتم الترخيص ل64 متحفاً تقريباً، وهي المتاحف التي تنطبق عليها الشروط المبدئية التي حددتها الهيئة “.