اتفق إماما المسجدين الحرام والنبوي على أن الأمة الإسلامية معصومة من غلبة أعدائها ما دامت، متحدة ومجتمعة، وطالبا بالبعد عن الفرقة والتعصب والتشاحن والتحزب وتجاهل الإشاعات والتصدي للمقولات الكاذبات. ورفض إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس، أن يكون الحج مجالاً للشعارات الحزبية أو التجمعات الطائفية أو الاستقطابات السياسية. وأوضح إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس خلال خطبة الجمعة أمس، أن النفوس تشتاق إلى الطمأنينة والسكينة في ظل ما يحدق بالأمة من فتن وتحديات. وقال إن المولى عز وجل اختص بلاد الحرمين بفضائل جليلة وخصائص كريمة وفيها أول بيت وضع في الأرض لعبادته وهي رمز التوحيد والوحدة والشعائر والمشاعر والأمن والأمان وجعل الصلاة في البيت الحرام مضاعفة على غيره من المساجد وجعل الكعبة قبلة للمسلمين جميعا أحياء وأمواتا، لافتا إلى أن هذه البلاد المباركة تعيش في أمن واطمئنان رغم ما يحدث في هذا العصر من احتراب وتطاحن واضطراب وعنف وإرهاب ووحشية وإبادة عرقية . وبين أن للحج مقاصد ومنافع وحكما وآدابا ينبغي لكل حاج أن يستشعرها ليحصل له برّ الحج ويعود بشيء من منافعه وآثاره، مشيراً إلى أن من أهم المقاصد والغايات وأعظم الحكم والواجبات أن يكون الحج منطلقا لتحقيق التوحيد الخالص لله وحده لا مجال فيه للشعارات الحزبية أو التجمعات الطائفية أو الاستقطابات السياسية بل فيه براءة من كل مبدأ يخالف نهج الكتاب والسنة ومن كل عقيدة لم يكن عليها سلف هذه الأمة. وقال :» إنه آن لنا معاشر المسلمين أن نأخذ من هذا التجمع الإسلامي الدروس والعبر في الوحدة والتضامن والبعد عن الفرقة والتعصب والتشاحن والتحزب وتجاهل الإشاعات والتصدي للمقولات الكاذبات لتكن الانطلاقة لحل مشكلات الأمة المتأزمة ضعفا وانقساما فرقة واختلافا من هذا المكان المباركة مهبط الوحي ومنبع الرسالة الذي انطلقت منه عقيدة التوحيد ودعوة الإسلام ورسالة الخير والسلام لتعم الأصقاع وبذلك تتحقق أكبر منافع الحج حيث الاعتصام بالكتاب والسنة، فهما أكبر منَة والتحلي بالوسطية والاعتدال وتعزيز الأمن بكل صوره وأشكاله ونشر المحبة والتسامح والمودة والرحمة والأخوة بعيدا عن الغلو والتشدد والإيذاء والمزاحمة والحقد والكراهية». ومضى فضيلة الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس يقول : إنه من هنا تعظم مسؤولية القادة والعلماء في تحقيق هذه المنافع العظيمة ولا سيما في تحقيق كلمة التوحيد وتوحيد كلمة أبناء الأمة للانتصار لقضايا أمتنا الإسلامية لا سيما قضية فلسطين والمسجد الأقصى وكذا بلاد الشام والرافدين وانتشالها من أوحال الظلم والفساد والإرهاب. وأكد إمام وخطيب المسجد الحرام أن الحج عبادة شرعية وقيم حضارية وليس مكانا للمظاهرات أو المسيرات والتجمعات أو المناظرات أو المساجلات أو الجدال والملاسنات بل ترتيل ودعاء وذكر ونداء وخشوع ورجاء وابتهال. وطالب من حجاج بيت الله الحرام أن يشكروا الله على ما منّ به عليهم من الوصول إلى هذه البقاع الشريفة وأن ينعموا بعباداتهم في الأجواء الإيمانية الكاملة والراحة والاستقرار التي وفرتها لهم قيادة هذه البلاد المباركة والتي حرصت على تقديم العناية الكاملة للحرمين الشريفين لينعم قاصديهما بالراحة والأمن والأمان والاستقرار، لافتا إلى أن على الأمة الإسلامية أن تكون مدركة وواعية لحملات استهدافها من وسائل إعلام معادية ودعاة الفتنة التي تتهم هذه التوسعات المباركة بهدم الآثار الإسلامية أو تشنشن حول نقل قبر المصطفى صلى الله عليه وسلم وكلها مزاعم وافتراءات وشائعات واختلاقات لا يصغي لها من له أدنى أثارة من علم أو مسكة من عقل وليطمئن المسلمون جميعا أن سنة الله وآياته الكونية والشرعية مضت وقضت بحفظ بيته الحرام ومسجد رسوله صلى الله عليه وسلم وحجراته الشريفة. وفي المدينةالمنورة أكد إمام وخطيب المسجد النبوي بالمدينةالمنورة الشيخ عبدالباري الثبيتي أن هذه الأمة المختارة معصومة من غلبة عدوها عليها ما بقيت متحدة مجتمعة حتى إذا صار بأسها يقتل بعضها بعض سلط عليها عدوا من غيرها فاستباح حرمتها، مشيرا إلى أن التاريخ يحكي بأن الأمة إذا تنكبت الصراط المستقيم فأهلك بعضها بعضا وظلم بعضها بعضا وأصبح بأسها بينها تقتل بعضها بعضا، ضاعت هيبتها وتسلط عليها عدوها وانهدم بنيانها وأصيبت بالذل والتقهقر وسوء المصير. وتحدث في خطبة الجمعة عن قبلة المسلمين الكعبة المشرفة موصيا المسلمين بتقوى الله عزوجل، موضحا أن الكعبة مثابة للناس، فمن ارتكب ذنبا أو زلت به قدمه طاف بالبيت وصلى مستقبلا القبلة أو حج إلى هذا البيت ليغفر الله ذنبه ويصحح مساره ويرجع كما ولدته أمه نقيا. وأوضح أن من فضائل الكعبة أن يمثل الطواف حولها وحدة الأمة في القول والفعل والشعائر والمشاعر حيث تتجمع القلوب حول بيت الله العظيم وتتقارب الأجساد وذلك مع اختلاف الأجناس وتعدد الألسن وتشكل الألوان متجهين لقبلة واحدة تتآلف فيها كلمتهم وتطهر قلوبهم وتتوحد صفوفهم ويلتم شملهم. ومضى يقول : إن الكعبة تعد مركزا للأرض مستدلا بقوله تعالى (لتنذر أم القرى ومن حولها) فكل من على وجه الأرض حولها، لتجعل هذه الأمة هذا المركز الثابت مطاف الحياة كلها لتستلهم منه ثبات منهجها ورسوخ مبدأها وصفاء منهجها ووضوح هدفها.