من فترة لأخرى تطالعنا الصحف المحلية بتقارير صحفية عن أحد المنافذ البرية للمملكة، وغالباً ما تكون تلك التقارير عن الإنجازات التي تحققها تلك المنافذ في الضبطيات وكشف المهربين والمجرمين، وموثقة بالصور التي تكشف تعدد أساليب التهريب وتنوعها، وهي جهود تشكر عليها وتستحق الإشادة، وعمل وطني كبير في ظل الحرب التي تشهدها المملكة مع مهربي المخدرات والمسكرات. لكن لو نظرنا من زاوية أخرى فهل دور المنافذ مقتصر على مكافحة التهريب والقبض على المهربين والمجرمين، أم أنها تقدم خدمة للمسافرين ومسؤولة عن انسيابية حركتهم وتيسير رحلتهم وتخفيف عناء ومتاعب الرحلة، ومن تتعامل معهم من غير المجرمين والمهربين هم الأساس وهم الغالبية الكاسحة من المسافرين. لم أجد في تلك التقارير الإعلامية تتحدث كثيراً عن الإنجازات في مواجهة خبث المهربين وخدعهم، أي حديث أو إنجاز عن الجانب الآخر لمن يقصدونها من غير هؤلاء المجرمين، وأقصد الخدمات التي تعني المسافر العادي الذي ذهب إما للتنزه أو للعلاج أو لقضاء بعض الأعمال، فلم أجد مثلاً شيئاً يتحدث عن سرعة إجراءات المسافرين، ومعايير للجودة تحدد المدة القصوى التي يجب أن لا يتجاوز فيها انتظار المسافر في المنفذ، وتوفر الخدمات الأخرى التي قد يحتاجها قبل إنهاء إجراءاته أو تحتاجها عائلته، على الرغم من كثرة الصور والحديث عن الأجهزة والمعدات التي يتم بها دعم تلك المنافذ لتيسير عمليات التفتيش وتسريع الإجراءات. وكي لا نكون متحاملين على تلك المنافذ بشكل عام، فالحقيقة أن منافذ المملكة مع دول الخليج هي الأكثر انسيابية وراحة للمسافرين، والإجراءات فيها تتم في الغالب بكل يسر وسهولة، أما منافذنا الشمالية فما أجمل الخروج وما أسوأ الدخول وما أطول ساعات الانتظار التي في الغالب تكون بسبب قلة المفتشين أو عدم مبالاتهم في المبادرة في عمليات التفتيش، فمن واقع تجربة أن عملية التفتيش بحد ذاتها إذا بدأت لا تأخذ كثيراً من الوقت، لكن ما يؤخرك هو الانتظار في طابور طويل وأحيانا تنتظر حتى بعد انتهاء عملية التفتيش. قد يبرر بعضهم أن المنافذ الشمالية هي الأكثر من حيث عمليات التهريب والضبطيات لكن حسب آخر تقرير لمصلحة الجمارك لعام 2013م، وهو منشور في موقع مصلحة الجمارك على شبكة الإنترنت، ويمكن للجميع الرجوع إليه، فإن حالات الضبط في جمرك البطحاء هي الأكثر على مستوى المنافذ الجمركية حيث شكلت ما نسبته 24.7% يليه جمرك جسر الملك فهد بنسبة 19.7% من إجمالي حالات الضبط في جميع المنافذ الجمركية، ويعتبر جمرك الحديثة الأول في كمية المضبوطات من الحبوب المخدرة يليه جمرك حالة عمار. في كل المنافذ قضية التهريب وضبط الممنوعات أولوية حتى في المطارات والموانئ لكن الفرق في انسيابية الحركة ومدة الانتظار، والمعاناة الأكثر هي من نصيب المسافرين عبر المنافذ البرية ومنافذنا الشمالية تحتاج إلى إعادة مراجعة، فليس كل مسافر هو مشروع مهرب مخدرات، ولا يمكن أن تعاقب ملايين المسافرين بالتأخير والإهمال والتعالي أحياناً من بعض المفتشين بسبب قلة من المجرمين واختصار مسارات إنهاء إجراءات جوازات السفر وأعداد مفتشي الجمارك ليس لها ما يبررها.