تعيش البرازيل في حالة من الصدمة الشديدة، على الأقل كما حدث لها عقب نهائي بطولة كأس العالم لعام 1950، بعد تعرض المنتخب الوطني الأول للبلاد لأسوأ هزيمة في تاريخه التي قضت على حلمه بإحراز لقب بطولة كأس العالم على أرضه. لقد جاءت الهزيمة 1 / 7 الكبيرة مساء أمس الثلاثاء للمنتخب البرازيلي قليل الحظ أمام منتخب ألمانيا المنتشي كنهاية مذهلة لحملة منتخب السامبا في بطولة كأس العالم الحالية عقب استبعاد صانع ألعاب الفريق الموهوب نيمار من منافسات البطولة لتعرضه لإصابة بالغة في مباراة البرازيل السابقة. ولن يعرف أبدا ما إذا كان وجود نيمار كان سيصنع الفارق حقا في ليلة الإثنين باستاد «مينييرو» في مدينة بيلو هوريزونتي؛ حيث انهمرت الدموع بغزارة من عيون الجماهير البرازيلية، وحيث واجه المهاجم هالك صافرات الاستهجان بعد اختياره ككبش فداء لأداء البرازيل الكارثي. وانفضت الجماهير سريعا من مناطق الاحتفالات الجماهيرية المنتشرة عبر البرازيل عقب المباراة، بينما ظلت جميع الألعاب النارية والشماريخ التي تطلق عادة عقب كل هدف أو فوز برازيلي في مكانها على الأرض وسط سكون تام يغلفه الشعور بالصدمة والذهول. وقال لويز فيليبي سكولاري مدرب البرازيل: «أريد أن أقول للجماهير البرازيلية، أرجوكم اعذرونا على هذه الهزيمة.. ربما يسجل اسمي في التاريخ الآن بوصفي المسؤول عن أسوأ هزيمة تتعرض لها البرازيل على الإطلاق». وكتبت رئيسة البرازيل ديلما روسيف في تغريدة لها بموقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي على الإنترنت تقول: «إنني الآن مثل جميع البرازيليين الآخرين، أشعر بحزن عميق بسبب هذه الهزيمة.. وأشعر بالأسف الشديد من أجلنا جميعا، من أجل الجماهير ومن أجل لاعبينا. ولكننا لن ننكسر. أيتها البرزايل انفضي عن نفسك الغبار وانهضي من جديد». وظل البرازيليون يعتقدون لسنوات طويلة أن هزيمة استاد ماراكانا التي عرفت باسم «ماراكانازو» عندما فازت أوروجواي على البلد المضيف البرازيل في نهائي مونديال 1950، ستبقى أسوأ لحظة تمر على أبطال العالم خمس مرات. ولكن الانتكاسة ستكون على الأقل ثاني أسوأ لحظات منتخب السامبا في تاريخ المونديال، إن لم تكن الأسوأ بالفعل، بعدما منيت البرازيل بأكبر هزيمة لها في تاريخها ببطولة كأس العالم من حيث عدد الأهداف. كما أنها توازي هزيمة البلاد الكبيرة بستة أهداف نظيفة في عام 1920 أمام أوروجواي. وأكد أحد المشجعين البرازيليين «يدعى لويس» الذين شاهدوا مباراة أمس على شاطئ كوباكابانا في مدينة ريو دي جانيرو أنه لا يجد الكلمات لوصف ما حدث. بينما أكد المذيع التليفزيوني البرازيلي الشهير جالفاو بوينو أن حجم الهزيمة يصعب من تقبلها. وقال بوينو: «هذه هي الرياضة، وهذه هي كرة القدم. ولكن من الصعب أن تخسر بهذه الطريقة». ومما زاد من وطأة الهزيمة أن الآمال كانت كبيرة للغاية في منتخب السامبا رغم مأساة إصابة نيمار وإيقاف قائد الفريق تياجو سيلفا. واحتشد عشرات الآلاف من الجماهير في المناطق المخصصة للتجمعات الجماهيرية، فيما تجمع آلاف أكثر في الحانات والمطاعم المنتشرة عبر البلاد. وحتى السحب القاتمة التي ألقت بظلالها على شاطئ كوباكابانا لحظة انطلاق المباراة لم تنل من الحالة المعنوية للمشجعين البرازيليين الذين رددوا النشيد الوطني لبلادهم كالعادة بكل ما أوتوا من عزم، وربما حتى بدرجة أكبر هذه المرة. ولكن الفخر الوطني سرعان ما تحول إلى جحود؛ حيث توالت الأهداف الألمانية كالسيل على المرمى البرازيلي من منتخب الماكينات الذي كان يعتبر فريقا قويا قبل مواجهة الأمس، ولكن لم يظن أحد أنه سيتحول إلى فريق ثائر لا يتوقف عن تسجيل الأهداف. وقال مشجع آخر يدعى كارلوس: «إنها آلام هائلة. ألم وحزن، حزن عميق». بينما تساءل بوينو معلقا على صورة تليفزيونية لصبي يبكي قائلا: «كم من الوقت سيستغرق لتجاوز الأمر» بعد «هذا اليوم من الإهانة».