لم يكن الموسم المنصرم الأفضل في مسيرة ليونيل ميسي مع برشلونة الإسباني، فبالإضافة إلى نتائج فنية متراجعة وارتباط اسمه بفضيحة تهرب من الضرائب، وقع في فخ الإصابات، لكنه عرف كيف يعود إلى فورمته الطبيعية في الوقت والمكان المناسبين: المونديال البرازيلي. تعرض ميسي لتمزق عضلي كبير في فخذه الأيسر أمام ريال بيتيس في 10 نوفمبر الماضي، فاضطر للغياب شهرين عن الملاعب. لكن الموهبة الأرجنتينية استفاد من فترة الغياب فوضع له برنامجاً تأهيلياً من أجل العودة إلى القمة. نال «البعوضة» موافقة الفريق الكاتالوني فعاد إلى بلاده ولجأ إلى الراحة مع عائلته في روزاريو، ثم خضع لبرنامج مكثف في مركز إيسيسا الفني. بعد علاج التمزق بالثلج لتسهيل الشفاء، قام الفريق الطبي المحيط بميسي والمؤلف من معالجين فيزيائيين، طبيب واختصاصي في العلاج الطبيعي، بمداواته بالموجات الصوتية والإنفاذ الحراري (كهربائي وتدليك). وبعد اتباع نظام غذائي يتكون فقط من الفواكه والخضار بدأ بعملية العدْو لاستعادة اللياقة بإيقاع عمل بلغ 58 ساعة أسبوعياً، أي بمعدل 10 ساعات ونصف الساعة يومياً، و5 ساعات صباح السبت. عاد أفضل لاعب في العالم بين 2009 و2012 إلى الملاعب في 8 يناير الماضي أمام خيتافي في مسابقة كأس إسبانيا، فلمع بتسجيله 25 هدفاً خلال 3 أشهر من المنافسات، لكنه لم يُظهِر شراسة كبيرة في المباريات. على سبيل المثال، في إياب ربع نهائي دوري أبطال أوروبا أمام أتلتكيو مدريد الإسباني 0-1 كان ميسي الأقل عدْواً من بين لاعبي الميدان (6.8 كم)، ما دل على مجهوده الاقتصادي في المرحلة الأخيرة من الموسم. وبحسب الاتحاد الأوروبي، فإن ميسي قد ركض 8 كم كمعدل خلال المباريات، وتفوق فقط على زميله في خط الدفاع ومواطنه خافيير ماسشيرانو، وهو رقم بعيد جداً عن أمثال الهولندي آرين روبن، الفرنسي فرانك ريبيري، والألماني مسعود أوزيل (11 كم)، أو حتى منافسيه المباشرين في خط الهجوم البرتغالي كريستيانو رونالدو والإسباني دييجو كوستا (9.9 كم). حتى المخضرم الويلزي راين جيجز كان بعيداً عن ابن روزاريو مع (10.9) كم. لم يكن ميسي بعد الإصابة مثل ميسي قبلها، فخاض مباريات أقل، لمس الكرة في مناسبات محددة ولم يستبدل بهذا الإيقاع (5) في تشكيلة المدرب الأرجنتيني خيراردو مارتينو. كل ما سبق يعني أن ميسي أنهى موسمه في حالة بدنية أكثر رشاقة من مشاركاته السابقة في مونديال 2010، فكانت النتيجة واضحة للعيان في مونديال البرازيل المتطلب كثيراً من الناحية الجسدية في ظل درجة الحرارة والرطوبة الكبيرتين في بعض الملاعب. استهل ميسي مشواره في المونديال الحالي بهدف الفوز على البوسنة والهرسك 2-1 منتصف الشوط الثاني، وفي مواجهة إيران أطلق كرة رائعة في الوقت بدل الضائع (90+1) وضعت «البي سيليستي» في الدور الثاني، قبل أن يضرب نيجيريا بثنائية 3-2 رفعت رصيده إلى 4 أهداف. في الدور الثاني أمام سويسرا مساء الثلاثاء وبرغم تقديم الأرجنتين أداء مخيباً للآمال، بالنسبة لفريق يعتبر من أقوى المرشحين لإحراز اللقب للمرة الثالثة في تاريخه، لعب ميسي دور المحرك مجدداً، فنال جائزة أفضل لاعب في المباراة (للمرة الرابعة على التوالي) بعد تمريره الكرة الحاسمة لأنخل دي ماريا في الدقيقة 118 إثر مجهود فردي رائع. يسير ميسي بخطى ثابتة، كادت تتعكر على يد الألماني أوتمار هيتسفلد مدرب سويسرا ولاعبيه، وبعد بلوغه الدور ربع النهائي تتركز الأنظار حول الإيقاع الذي يعتمده في المباريات المتبقية ضمن خط بياني متصاعد منذ تعرضه لإصابة قد تكون بطريقة غير مباشرة سبب وصوله إلى حلم يبحث عنه منذ سنوات.