ليست رواية الكاتب الراحل إحسان عبدالقدوس، وإنما هي مشكلة يواجهها من يعاني صعوبة النوم ليلاً، أو الاستيقاظ صباحاً، أو يعاني الإرهاق طوال اليوم، بعضهم يستيقظ فزعاً بسبب الكوابيس الليلية، أو يمشي وهو نائم، أو يستيقظ وهو يعاني الصداع و التشنج في الفك بسبب صريره لأسنانه، وقد يصل لأن يبلل فراشه بدون وعي. تلك العوارض نراها في ما يسمّى باضطرابات النوم المزمنة أو المؤقتة، وأصبح ذلك تخصصاً يدرس في الجامعات لمعاناة الملايين من الناس في العالم منه، ولتأثيره العضوي والنفسي والاجتماعي على المصاب به. تكلِّف اضطراباتُ النوم حوالي 16 مليار دولار من النفقات الطبية في الولاياتالمتحدةالأمريكية، كما أنها تسبب مشكلات صحية أخرى أكثر تعقيداً، وتهدر طاقة المصاب بها، وتؤثر على جودة الحياة التي يعيشها. من أكثر اضطرابات النوم انتشاراً هو الأرق، ويُعرّف على أنه صعوبة الدخول أو الاستمرار في النوم. كثير منا عانى بشكل أو آخر من الأرق عندما يكثر من شرب المنبهات أو المشروبات التي تحتوي الكافين مثل مشروبات الطاقة، أو عندما يتوتر بسبب امتحان أو مقابلة أو مهمة، أو لمن تغيّر عليه نمط نومه، وكذلك لمن عانى من الاكتئاب أو القلق الزائد، فإما زيادة في النوم أو أرق، كما يحصل نتيجة لبعض الأمراض مثل فرط نشاط الغدة الدرقية والأدوية. تعوّض ساعات الحرمان من النوم بتعويضها لاحقاً بما نسميها سحباً للنوم، فيحرم الشخص من الاستمتاع بالأنشطة الاجتماعية لتفضيله النوم وقتها. إن أفضل علاج للأرق هو تنظيم ساعات النوم وتجنب المنبهات. كما أن هناك تجارب يقوم بها الباحثون بالعلاج بواسطة الضوء لحالات الأرق المزمن، ويراعى تجنب الأدوية المنومة إلا باستشارة طبيب. (ما أطال النوم عمراً ** ولا قصّر في الأعمار طول السهر). «عمر الخيام». رغم جمال هذا البيت إلا أنه مخالف للعلم والدراسات التي تختص بالنوم، فقلة ساعات النوم والأرق تسبب مشكلات قد تقود للوفاة، فعلاوة على تأثير اضطرابات النوم على المزاج وسرعة ردات الفعل، فقد أظهرت كثيرُُ من الدراسات تأثير النعاس على التحكم في قيادة السيارة وتسبب ذلك في حوادث مميتة، أو تأثير الحرمان من النوم على التركيز والقدرة الحسابية، وعلى المهام التي تتطلب تناسقاً في حركة اليدين مع النظر مثل الكتابة والرسم والعمليات الجراحية. بل إن تأثير الحرمان من النوم أسوأ من تأثير المشروبات الكحولية على القدرات العقلية والسلوكية وينتج عنه الهلوسة واضطرابات المزاج. بينما يؤثِّر النومُ العميق ليلاً على هرمون النموِّ عند الأطفال والمراهقين، لهذا فالطفل الذي ينام أفضل ليلاً سيكون أطول نهاراً. كما تتجدَّد معظمُ خلايا الجسم وتصلح التلفَ الذي يسبِّبه الإجهاد والأشعَّة ما فوق البنفسجية، وبالتالي فالنوم العميق يقوي من القدرة المناعية ويعزز صحة الجسم. إن كنت تواجه صعوبات في النوم فلا تستسلم لها، نظّم وقت ذهابك للفراش، تجنب المنبهات قبل النوم، مارس تمارين التنفس، وروّض نفسك في التعامل مع الضغوط، واستشر طبيبك للمساعدة.