بقيت الجنادرية، منذ انطلاقتها لأكثر من ربع قرن، رمزاً ثقافياً وتراثياً شامخاً، يعكس الحِراك الحضاري بين ما عاشته المملكة من وضعٍ سابق، وما آلت إليه اليوم من تطوُّرٍ سَجَّل لها في المحافل الدولية منزلة رفيعة، وقدراً عالياً من النهضة والتقدم. لقد استطاعت الجنادرية أن ترسم صورة من اللُّحمة الوطنية التي تعود جذورها إلى عصر المؤسِّس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن (رحمه الله)، الذي وحَّد أرجاء هذه البلاد على ميزانٍ من التقوى، وتوحيد الهدف، منتهجاً من كتاب الله تعالى، وسُنَّة رسوله (صلى الله عليه وسلم) طريقاً سويّاً نحو أُلفة القلوب، ووحدة الأوطان، مع الحفاظ على المكنونات الثقافية والتراثية لكل منطقة من مناطق المملكة، التي تعكس بكل وضوح ذلك المخزون الثقافي والحضاري لهذه البلاد المباركة، وعزم رجالها على التعاطي مع تحدِّيات الزمن؛ ليورِّثوا لنا تاريخاً مجيداً منفتحاً على نفسه وعلى الآخرين، ويكون بذلك نواةً متوهِّجة في منظومة الوطن، وعقداً من عقوده المتلألئة. إن الاهتمام الكبير الذي توليه المملكة، بقيادة سيِّدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وسيِّدي ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز (حفظهما الله)، لهو دليلٌ واضحٌ على أهمية المحافظة على التراث والثقافة؛ كونها مرتكزاً من مرتكزات التقدُّم والتطوُّر الذي لا يقف على أطلال الماضي فحسْب، بل لديه القدرة والمرونة التي تجمع بين ذلك الإرث المتنوِّع والأصيل، وبين التطوُّر المتسارع، وهو ما نشهده في الجنادرية كل عام. إن هذه الاحتفالية الوطنية، التي تتشرَّف كل عام برعاية كريمة من القيادة الرشيدة، ما هي إلا أنموذجٌ من نماذج الاهتمام والرعاية التي يحظى بها المهرجان من ولاة الأمر (يحفظهم الله)؛ للسير بها قُدُماً نحو مزيد من التألق والإنجاز، انطلاقاً من الرؤية الشاملة، والرعاية الأبوية لكل خيرٍ ورخاء لهذه البلاد وشعبها الوفيّ. ونحن في المنطقة الشرقية -(منطقة الخير) التي دأبت على المشاركة منذ انطلاقة الجنادرية بوفدٍ يُمثل تراث وحضارة هذه المنطقة العريقة جنباً إلى جنب مع بقية المناطق، التي تتنافس تنافساً شريفاً في حُبِّ الوطن- توَّجنا هذه المشاركة ب(بيت الخير) العام الماضي، الذي حقق نجاحاً كبيراً تجاوز كل التوقعات له في عامه الأول، ونحن عاقدون العزم على السير قُدُماً في تطوير هذه التحفة المعمارية في الجنادرية، بما يليقُ بهذه المنطقة وأهلها الكرام، ويُقدِّم الصورة المشرِّفة لزوَّار الجنادرية. ويسُرُّنا بهذه المناسبة أن نُقدِّم الدعوة لكل زوَّار الجنادرية للاطلاع، ولزيارة «بيت الخير»، والاستفادة مما يقدِّمه من معالم مختلفة، وبيئاتٍ متنوِّعة، تمثل كلَّ جزءٍ من أجزاء المنطقة الشرقية .. متمنياً للجميع التوفيق والسداد. • أمير المنطقة الشرقية