حذَّر الأمين العام لمركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، فيصل بن معمر، من خطر القراءات المتطرفة للتعاليم الدينية والمعتقدات السياسية، مشيراً إلى ضرورة مواجهة التأويلات المتشددة بأفكار علمية وموضوعية حول القيم الإنسانية المشتركة بين الأديان والثقافات، والإبانة عن حقيقة إجماع مختلف الأديان والثقافات على حفظ الحقوق الأساسية للبشر، وتأكيد حرمتها. وأوضح في كلمته أمام مؤتمر «الدين والسياسة»، الذي عقد في مدينة ريزرن في كوسوفو مؤخراً، أن حق الحياة، وحقوق الإنسان، والأمن والسلام، والعيش المشترك، والتسامح، كلها حقوق مشروعة لجميع البشر بمختلف أديانهم وثقافاتهم، ولا يحق لأي جماعة أو هيئة أو منظمة أن تعتدي على تلك الحقوق مهما كانت مبرراتها، وإذا فعلت ذلك فإن فعلها لا يندرج إلا في خانة واحدة هي الإرهاب. وقال بن معمر: «في عالمنا اليوم، هناك صراعات وحروب جُلُّ ضحاياها من الأبرياء، تؤدي فيها الجماعات المتطرفة باسم الدين، والنظريات الفكرية والسياسية المتطرفة، دوراً أساسياً لنشر الرعب والكراهية». وتطرق إلى تجربة مركز الملك عبدالله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وجهوده في توفير مساحات متنوعة للتواصل، مؤكداً أن أهم أولويات المركز، تفعيل وإشاعة القيم الإنسانية الكبرى بوصفها أهم الحقوق التي يجب مراعاتها بين البشر، عبر التعاون مع عديد من المنظمات والمؤسسات العالمية من خلال فعاليات الحوار والمعرفة في مختلف المؤتمرات وورش العمل بين مختلف القيادات الدينية التي يعقدها المركز لإشاعة فهم عالمي مشترك بين أتباع الأديان والثقافات حيال مبادئ التعايش والتفاهم والتعارف، وصولاً إلى غاية السلم والأمن العالميين وتعزيز المشتركات الإنسانية. وأشار الأمين العام للمركز إلى المشتركات الإنسانية التي أجمعت عليها الأديان والثقافات للحفاظ على التعايش السلمي بين البشر من خلال القيم الإنسانية التي تتضمنها. وقال: مع أهمية تلك القيم الإنسانية الكبرى، لا يزال العالم اليوم يعيش حقبة من الاضطرابات والعنف والحروب، شاركت فيها الجماعات المتطرفة تارة باسم الدين وتارة باسم النظريات السياسية والفكرية مثل نظرية «صراع الحضارات»، التي جعلت من علاقة الصدام بين الحضارات شرطاً وحيداً لوجودها، وذلك ما أدى إلى ظواهر عنف متبادلة بين عديد من الجماعات أدت إلى ظهور الإرهاب والحروب التي أدخلت العالم في دوامة من عدم الاستقرار والفوضى. وشدد على أن مبادرات الخير في العالم متنوعة وثرية، وأهمها المبادرة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار بين أتباع الأديان والثقافات من مكةالمكرمة، لتعبِّر عن رسالة خير وتعاون وتفاهم من المسلمين إلى العالم. وعرض بن معمر إنجازات المركز منذ افتتاحه في نوفمبر 2012م، وما حققه من إنجازات، داعياً الجميع للتعاون مع المركز، خاصة وأنه يعد من المؤسسات الدولية التي تعمل في مجال الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، ويسعى من خلال مهامه إلى تعزيز المشتركات الإنسانية من خلال اجتماعات القيادات الدينية وصانعي القرار في المجالات المتنوعة. من جانب آخر، وقَّع الأمين العام لمركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، فيصل بن معمر، مذكرة تفاهم، مع المديرة العامة لمنظمة اليونسكو، إيرينا بوكوفا، تعيد التأكيد على الالتزام بمبدأ تعزيز الحوار بين الناس من مختلف الثقافات والأديان. وأوضحت الإدارة الإعلامية للمركز أمس أن توقيع المذكرة جرى في مقر منظمة اليونسكو في باريس، الأربعاء الماضي، حيث قال الأمين العام للمركز إن "اليونسكو والمركز يعملان معاً لتعزيز ثقافة الحوار التي تمكِّن الثقافات والأديان المتنوعة من الإسهام في إيجاد علاقات أكثر سلاماً وتناغماً بين الأديان"، مشدداً على أن "هذا سيؤدي بدوره إلى حل الصراع". وفي المقابل، أشارت المديرة العامة لمنظمة اليونسكو، إلى تزامن توقيع المذكرة مع عقد منظمة الأممالمتحدة للتقارب بين الثقافات الممتد خلال الفترة من 2013م إلى 2022م، كما رحبت بتقديم المذكرة أشكالاً جديدة من المواطنة العالمية على أساس تقاسم المعرفة، واحترام حقوق الإنسان، وتعزيز التنوع الثقافي والديني بوصفها مبادئ أساسية، فضلاً عن تعزيز الاندماج الاجتماعي ومنع الصراعات وبناء سلام دائم. وقالت بوكوفا إن "الاتفاق يعد فرصة لنا لدحض فكرة أن التنوع هو مشكلة اليوم"، لافتة في المقابل إلى ضرورة الترويج للتنوع كقوة ديناميكية وعامل إثراء يجدد الإنسانية ويوسِّع الفرص. كما لفتت الانتباه إلى أن الاتفاقية تهدف إلى تطوير البرامج المشتركة ومبادرات التوعية لتعزيز التفاهم المتبادل والتسامح والتعايش السلمي والتعاون بين المجتمعات، والمساهمة في ثقافة السلام واحترام المبادئ المنصوص عليها في الإعلان العالمي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان وإعلان اليونسكو العالمي بشأن التنوع الثقافي.