تمنح درجة الدكتوراة العلمية لباحث تخصص في موضوع دقيق أمضى فيه بضع سنوات مع معارك أسئلة البحث وبالتالي يبقى متخصصا في مجال محدد يُحترم ويُقدر فيه؛ إلا أن الوضع في العالم العربي وفي السعودية خصوصاً أصبح الدكتور دكتاتوراً يتدخل في شأن كل صغيرة. تقرير الشرق الذي نشر مطلع هذا الأسبوع حول الشهادات الوهمية والمزورة يعطينا مؤشرات أن بعض أفراد المجتمع مرضى بالشهرة والبروز..إذا كان في السعودية سنوياً ما يقارب 320 شهادة دكتوراة مزورة أو غير معتمدة أو من جامعة وهمية وبمبلغ زهيد (أقل من خمسين ألف ريال) لا يتجاوز قيمة تقسيط سيارة (دادسن)؛ فهذا يعني أننا سنشاهد في كل بيت دكتورا بدل ما كان في كل بيت شاعر.. طبعاً دكتوراة في الهياط! الإشكالية تعظم عندما يعيش بيننا من هم يحملون الشهادات المزورة والوهمية ويتفاخرون بها من خلال ذكر حرف (الدال) أمام أسمائهم..بعض المرضى يضع أمام منزله (منزل الدكتور...) وعندما يريد أن يذهب للحلاق يقول له أنا (الدكتور...) بل إن أحدهم ذكر أنه كان يسعى ويبحث عن (واسطات) من أجل أن يكتب الدكتور في بطاقة الأحوال! المصيبة أن بعضهم يحضر الدكتوراة معه في كل شأن فمن السياسة إلى العلوم ومن الفن والموسيقى إلى العلم الشرعي مفتتحاً كلامه بعبارة شهيرة (كدكتور فأنا ...)! لم ولن تضيف الدكتوراة أي قيمة للفرد ما لم يُحسن استخدامها..في أستراليا كان مشرفي الدراسي البروفسور يطلب مني أن أناديه باسمه لا شهادته ولم يعرّف نفسه يوماً بغير ذلك..حالنا مؤسف ومجتمعنا ضُحك عليه من خلال تضخيم مكانة من يحمل الدكتوراة.. هي كما قال العالم فاروق الباز مجرد جواز سفر للباحث يثبت أهليته للبحث!.