أثار الباحث صالح الصاعدي، الجدل بين المتداخلين في محاضرته التي ألقاها مساء أمس الأول في نادي أبها الأدبي، تحت عنوان «جدلية المثقف في الرواية السعودية». وطرح الصاعدي في المحاضرة، التي أدارها ظافر الجبيري، ورقة تحدث فيها عن نظريتين حول المثقف، الأولى نظرية المثقف العضوي التي اهتم بها غرامشي، والأخرى نظرية حديثة قعد لها علي حرب في كتابه «نقد المثقف»، وسماها «المثقف الوسيط». وذكر الصاعدي أن مصطلح المثقف لا يزال إشكالياً، فكل تعريف للمثقف ينبني على تصورات تنظيرية فكرية بناءً على تاريخ ثقافي. وركزت الورقة على صورة المثقف في الرواية السعودية، حيث رأى الصاعدي أنه مثقف حزبي في الغالب، ينتمي إلى الحزبية التي تختلف بحسب المراحل الفكرية، موضحاً أن هناك نماذج تمثل المثقف الهاوي، لكن صوره ضئيلة في الرواية السعودية، كما أشار إلى وجود نوع ثالث من المثقفين، وهو المثقف الذاتي المنطوي على ذاته، ويبحث عن اهتماماته. وقال إنه تناول عدداً من الأعمال الروائية السعودية بالتحليل والنقد، وقام بتوظيفها في هذه السياقات، ووجد نوعاً آخر من المثقفين إزاء المثقف الحزبي وهو المثقف الديني الذي لا يرى الخلاص للمجتمع إلا من خلال أفكاره التي يؤمن بها فقط. ورأى الصاعدي أنّ الروايات السعودية أهملت تناول المثقف الديني، الذي تطورت أفكاره وتحولت، مشيراً إلى أن تلك الأعمال اختزلت المثقف الديني في رجال الهيئة فقط، معتبراً أن ذلك يعد إشكالاً في التحليل الفكري لعلاقة المثقف الديني بالمجتمع، ومحاولة تلمس التطورات الفكرية عنده. وأشار إلى أنّ هذه الرؤية جاءت من استحضاره عديداً من النماذج الثقافية من خلال ما وصفه بالعملية الاستقرائية البحثية، التي قال إنه أجراها حول الرواية السعودية وكتابها وما تضمنته من تصورات. ما طرحه الصاعدي، أثار الجدل بين المتداخلين في المحاضرة، إذ انتقد عدد منهم اللبس الذي وقعت فيه الدراسة عن المثقف، مشيرين إلى أن رجل الهيئة ليس صورة للمثقف، ولكن ينبغي أن يكون جزءاً من صورة المجتمع كما يراها الروائي السعودي. ووجه الدكتور محمد أبو ملحة، سهام نقده للتعميم في إطلاق الأحكام حول المثقف والرواية في السعودية، والخلط في التصوّر غير الواضح عن المثقف والحزبي. وفي ختام الورقة قدم رئيس نادي أبها الأدبي الدكتور أحمد آل مريع هدية تذكارية للمحاضر، وشكره على هذه الورقة، ودعاه إلى تسليمها للنادي ليطبعها في كتاب.