“الصراحة” كانت سمة حوار “الشرق” مع الإعلامية السعودية نادين البدير، إذ تحدثت بلغة ممزوجة ب”حرقة”، عن القطيعة بين التيارات في المملكة، والتناحر بين أبناء الوطن الواحد، وعن الفجوى بين الإعلامية وعلاقتها مع المشائخ. لم تخلو لغتها من “الإنفعال” في بعض الأحيان، حين قالت لنا مستنكرة “لماذا لا يصافحني الشيخ، هل أنا رجس، وهل ستحل مصيبة كبرى بسلامه علي!”، مبدية في ذات الوقت إعجابها بالدكتور أحمد الغامدي، كأول رجل دين سعودي سلفي، يطبق ما يؤمن به من اختلاط “محترم” مع النساء كما تقول، حين حضر معها في برنامج “اتجاهات” على شاشة “روتانا خليجية”. البدير، انتقدت بشدة التيار “الليبرالي” في المملكة، معتبرة أن هنالك فئات من “الإسلاميين” أشجع سياسياً، و”لا يخافون ولا يطبلون، ولا ينافقون، بخلاف الليبراليين”، وهنا نص الحوار:
* بداية، هل هناك شروط يمليها عليك الدعاة أثناء خروجهم معك في برامجك التلفزيونية، كالحجاب، أوالتستر أو نحوه؟ - كيف سيحترمني رجل دين أو شيخ يعلم بأني وضعت غطاء على رأسي مجاملة له فقط، وأني سأنزعه فور خروجه من الاستديو!
* هل هناك رفض من “الدعاة” أو اعتذار، عن المشاركة معك؟ - لا أعلم سبباً وجيهاً يدفع أحدهم لتصنيف مقدمي البرامج بحسب جنسهم ذكر أو أنثى. أنا أرفض أن أصنف بحسب جنسي، إنما بحسب مهنتي واسمي، وبعض رجال الدين يقوم بذلك لدوافع كما يقال دينية فيرفض الظهور مع امرأة، رغم أن الدين لم يحرم أن تتناقش مع امرأة في قضية تمس الشأن العام أمام ملايين المشاهدين، وفي استديو يتجاوز العاملين والعاملات به العشرين، وفي برنامج محترم ويناقش قضايا سياسية واجتماعية هامة.. ليس هناك مجون ولا فسق ولا خلاعة، ولا أي أمر مختلف عليه، فلماذا الرفض!.
* هناك حضور جيد للإسلاميين في برنامجك :اتجاهات”.. هل هو نوع من المغازلة لهم؟ - التعددية مطلب صحي، والتصنيفات الموجودة في السعودية اليوم، من ليبرالي وعلماني وإسلامي، دليل تقدم ووعي وحضارة.. لكن المأخذ على هذه التيارات عدم احترامها للآخر ورفضها للتيارات الأخرى، وتوزيع المنابر والفضائيات فيما بينها، بحسب الشكل والديكور. أحترم الجميع، وأود للجميع أن يكون له منبر حر طلق. برنامجي “اتجاهات” الذي يبث علي “روتانا خليجية”، تم تصميمه ليكون منبراً لكل التيارات، للإسلامي ولليبرالي، للمرأة والرجل، للمسئول وللمواطن .
* هل أنتِ سعيدة كون الإسلاميين يشاركون معك؟ - أفخر بهذا السبق الذي تمكنت من تحقيقه، ليس لأجل مهنتي، إنما لأجل وطني. الوطن الذي بدأ يتآكل من نزاعاتنا وانفصالنا عن بعضنا. وأقدر لجميع من ظهر معي من أبناء التيار الديني دون تردد، ومنهم الدكتور ناصر الحنيني، والدكتور محسن العواجي، وأعضاء من جماعة الإخوان المسلمين من مصر، والشيخ أحمد قاسم الغامدي، الذي جلس أمامي في الاستديو بكل ثقة، ليكون أول من يطبق آراءه عن الاختلاط المحترم. أقدر لهم ظهورهم معي، ليس فقط لكوني امرأة، إنما لجرأتهم في قول الحق، وهذا أمر دائماً أستشهد به في مقالاتي.
* ما رأيك بأطروحات الإسلاميين؟ - فئات من الإسلاميين جريئون، لا يخافون، لا يطبلون، لا ينافقون.. وهم إثراء لأي حلقة تحكي مشاكل وقضايا الوطن والعالم العربي. فتتطلب آراءهم إلى جانب الآراء الليبرالية، وأطروحاتهم في الجانب السياسي، أشجع من الليبراليين.
الغامدي * لبسُك في نظر البعض، كان أكثر ستراً، حين كان ضيفك الشيخ أحمد الغامدي، ما السر؟ - أزعم أني أيضا جريئة. لا أنافق ولا أطبل. لذا لا أظهر إلا بالشكل الذي أخرج به منذ صغري ولم أغيره إلى اليوم. هكذا أنا أمام الناس، وهكذا أنا من ورائهم. لا أغير جلدتي وملبسي بحسب الموقف أو الشخصية التي تجلس أمامي، أنا ألتزم بشكلي الأوحد حفاظا على نظرة الناس لي، وأولهم نظرة رجل الدين لي. قل لي كيف سيحترمني داعية إسلامي، يعلم بأني وضعت غطاء على رأسي مجاملة له فقط، وأني سأنزعه فور خروجه من الاستديو! قد يخشى من نقد أقرانه له، ومن نقد الليبراليين له، لكن الوضع تغير الآن، والمطلوب نقلة جديدة في العلاقة بين التيارات المختلفة. المطلوب تقبلنا لبعضنا البعض بدواخلنا وأشكالنا الخارجية أيضاً. * كيف تقوّمين ردة فعل الجمهور على مشاركة الدعاة اولإسلاميين معك؟ - أما عن ردة فعل الجمهور، فقد وجدتُ ترحيباً كبيراً وتشجيعاً على استضافة الدعاة. الجميع كان متحمسا لأن يراهم معي على ذات الطاولة أو عبر الأقمار. التعددية مطلب المجتمع أولاً وأخيراً. لم أستمع لعبارة نقد قط، إنما ترحاب بظهور الشيوخ والدعاة. كما وصلتني العديد من رسائل الإعجاب بهؤلاء الدعاة. * هل يقبل الدعاة مصافحتك، حين تسلمين عليهم؟ - بالتأكيد، يقبل كثير منهم المصافحة، ومنهم من لا أعلم موقفه، لأنه يكون متواصلا معي عبر الأقمار. أنا لست نجسة، ولست برجس، لتسألني هذالسؤال. أعلم أنه مطروح، لكني أحزن أن يطرح في هذا الوقت، وقت التقنيات والحضارة، فأضطر لتضييع الوقت بالإجابة عليه، بدلاً من بذل الوقت في التفكير بأمور عميقة لها أهمية. ما الذي سيحدث إن صافحني رجل! هل سنرتكب خطيئة البشر الكبرى؟ الخطيئة أن ننعزل عن بعضنا ونكره بعضنا. أحمد قاسم الغامدي | الإسلاميون | حوار | روتانا خليجية | نادين البدير