-طغى الحزن يوم أمس على كُتَّاب وأدباء سعوديين بسبب وفاة الروائي العالمي جابرييل جارسيا ماركيز. وبعد الإعلان عن وفاة الروائي الكولومبي الشهير، امتلأت صفحات الكُتَّاب والأدباء على الإنترنت بعبارات الرثاء لهذا الكاتب العالمي، الذي قلما وجد كاتبا معاصرا يمتلك نفس التأثير الذي أحدثه. ويخيل للمتابع لصفحات الكتاب السعوديين في مختلف الوسائط الإلكترونية على الإنترنت، أن ماركيز كان، بحق، واحدا من الآباء الروحيين للكُتَّاب السعوديين. يقول الروائي والباحث خالد اليوسف إنه «ماركيز العظيم» وإن رحل، فستبقى أعماله وكتاباته الأعظم في عالم الإبداع الإنساني، ليمضي مع الخالدين في تاريخنا المعاصر. فيما يقول الشاعر عبدالمحسن يوسف: «وداعاً غابريل جارثيا ماركيز.. كلما رحلَ مبدعٌ حقيقيٌّ تراجعَ الجمالُ في هذا العالم». ويشدد الروائي عواض شاهر على أن «ماركيز مات وكان يقيناً أن يشعر العالم بفقده، لكنه مات وقد أسس في تراثه الروائي شيئاً اسمه الجملة الماركيزية، وهي التي ستفتقده بعد اليوم». ويذهب الروائي عبدالله التعزي إلى أبعد من ذلك حين يقول: «يبدو لي أن العالم لم يعد كما كان قبل ماركيز». ويتناول الشاعر والصحافي والخبير بالأدب العالمي هاشم الجحدلي ماركيز من زاوية «ذاكرة قارئ محب»، مشيرا إلى أن الروائي الحاصل على جائزة نوبل، عزز لديه جدوى الجمال والإبداع، ويقول في هذا الإطار: «لا أدري كيف تسلل ماركيز إلى عالمنا، عالمي بالتحديد، ولكن الشهادة الأكبر له وعليه، هي عندما نشرت الصحف العربية خبر فوزه بنوبل ولم ترفقه كالعادة بعبارات التشكيك والتحريض. فالرجل كسب الجولة مع الذائقة والموقف مبكرا، ولا مجال للمزايدة عليه، ولا على إبداعه». ويتابع الجحدلي: «وإذا تمت قبل فوزه بجائزة نوبل بسنوات ترجمة بعض أعماله فإن الحمى الحقيقية لترجمته جاءت بعد ذلك، فبعد بعض النصوص المتناثرة هنا وهناك، وأغلبها مشرقية، جاءت ترجمة الفذ صالح علماني لرائعة ماركيز القصيرة «ليس لدى الكولونيل من يكاتبه»، (وكانت) بداية الترجمة الباذخة لماركيز حيث توالت الترجمات بعد ذلك لمجموعاته القصصية ورواياته القصيرة وملحمته «مائة عام من العزلة»، وبعضها ترجم أكثر من مرة، ومن أهم الترجمات كانت ترجمة علماني بالتأكيد، ومن أغربها ترجمة محمود مسعود لرواية «مائة عام من العزلة» المختصرة عن دار الهلال والتي أعادت طباعاتها مع سواها من ترجمات الهلال دار العودة ونشرتها في مكتباتنا لأن سوق دار العودة آنذاك كان رائجا، كما أن لدار الكلمة فضل النشر المبكر له، بل إن «خريف البطريرك» التي أصدرتها الدار عن ترجمة الشاعر والمترجم المبدع محمد علي اليوسفي عن الفرنسية هي الترجمة المعتمدة، ولم يجرؤ أحد على إعادة ترجمتها عن الإسبانية أو أي لغة أخرى سوى ترجمة بائسة باسم «خريف البطريق»». ويتابع الجحدلي سرد ذاكرته عن ماركيز: «بعد ذلك، توالت أعماله بترجمة علماني عن دار الأهالي، ومنها إضافة إلى إبداعاته القصصية والروائية مختارات من مقالاته دار منارات التي استحالت إلى أزمنة كان حضوة ترجمة علماني لرواية «الحب في زمن الكوليرا»، كما أصدر له عبر منارات قصص ضائعة كما أن أول ترجمة تصلنا مع الأسواق العربية عبر مكتبة تهامة عام 1988م تقريبا ترجمة رواية «الجنرال في متاهتة»». ويرصد الجحدلي أن «الخطأ الشنيع اللافت في مسيرة ترجمة ماركيز كان إعلان دار الشروق الأردنية عن حصولها على حقوق ترجمة أعمال ماركيز الجديدة إلى العربية وإصدارها رواية بعنوان «عن الحب وأشياء أخرى» لنفاجأ بعد أيام بأن العمل هو مجموعة قصصية اسمها «اثنتا حكاية مهاجرة» مما أجبر الدار على سحب العمل وأعادت إصداره باسمه الصحيح وغلافه الجديد، وكانت من ترجمة الدكتور وليد صالح قوبلت المجموعات القصصية بتحريف شديد وصدرت حسب اجتهاد المترجمين والناشرين حتى ترجمها علماني كاملة في مجلد واحد». وتوفي جابرييل جارسيا ماركيز، الذي يعد أحد أكبر الكتاب باللغة الإسبانية، أمس الأول في منزله في مكسيكو عن 87 عاماً ، بعد بضعة أيام من نقله إلى المستشفى إثر إصابته بالتهاب رئوي. وأعلن الرئيس الكولومبي، خوان مانويل سانتوس، في خطاب رسمي متلفز، الحداد الوطني لمدة ثلاثة أيام، حداداً على رحيل «أكبر كولومبي في التاريخ»، كما وصفه أحد الصحافيين المكسيكيين.