أدلى الرئيس الجزائري المنتهية ولايته، عبد العزيز بوتفليقة، بصوته أمس الخميس وهو على كرسي متحرك في الانتخابات الرئاسية التي يبقى الأوفر حظاً للفوز بها رغم متاعبه الصحية. وبث التليفزيون الحكومي صوراً لبوتفليقة وهو يدخل مكتب التصويت في الأبيار (بأعالي العاصمة الجزائرية) على كرسي متحرك يدفعه أحد حراسه الشخصيين ويرافقه عددٌ من أفراد عائلته هم أخوه ناصر مع ابنه وأخوه الأصغر السعيد مستشاره الشخصي في رئاسة الجمهورية. وحيَّا بوتفليقة، الذي لم يظهر أمام الجزائريين منذ سنتين، المصورين وموظفي مكتب التصويت بيده اليمنى بعدما وضع الظرف في الصندوق وبصم بإصبع يده اليسرى في سجل الناخبين بدون أن يدلي بأي تصريح. وغير بعيد عن حي الأبيار، صوَّت منافسه الأكبر علي بن فليس في حيدرة حيث ذكر بتحذيره من التزوير، وقال «إما أن تكون العملية الانتخابية نظيفة نقية غير مشوبة بالتزوير وتذهب الجزائر إلى المستقبل والأمان، وإن كان عكس ذلك فالأزمة ستتعمق». وأضاف «أعلموني أن التزوير بدأ في بعض الأماكن، وسأعلق على ذلك عندما تصلني كل المعلومات». ووصف بن فليس التزوير بأنه «عدو له»، قائلاً «أنا كنت ضحية دمار التزوير الذي يقوم عليه النظام الفاسد من أجل ضمان بقائه والاستحواذ على ثروات الأمة». ودفعت التصريحات المتكررة لبن فليس عن التزوير الرئيس بوتفليقة للخروج عن صمته أمام اثنين من ضيوفه بلهجة غير معهودة واتهم بن فليس بالعنف والفتنة وذهب إلى حد استعمال عبارة «الإرهاب». واتُهِمَ بن فليس من قِبَل أنصار بوتفليقة بمحاولة زرع الفوضى و»ضرب استقرار الجزائر» التي لم تضمد جراحها كاملة من حرب أهلية كان سببها إلغاء نتائج الانتخابات التشريعية لسنة 1992. وفي إشارة إلى تحذيرات بن فليس، قال مدير حملة بوتفليقة عبد المالك سلال «هم يقولون نحن أو الانزلاق.. والله لا هم ولا الانزلاق»، مضيفاً أن للجزائر «جيشاً وقوات أمن يملكون من القوة ما يمنع أي مساس باستقرارها». وبدأ الجزائريون عملية الاقتراع أمس في انتخابات رئاسية يبدو فيها الرئيس بوتفليقة الأوفر حظاً للفوز بولاية رابعة، مع تحذيرات من التزوير ونداءات للمقاطعة. وتنافس في الانتخابات بالإضافة إلى بوتفليقة وخصمه الأول علي بن فليس، رئيسة حزب العمال التروتسكي لويزة حنون، ورئيس حزب جبهة المستقبل عبد العزيز بلعيد، ورئيس حزب عهد 54 علي فوزي رباعين ورئيس حزب الجبهة الوطنية الجزائرية موسى تواتي. وعمِل على تأمين الانتخابات أكثر من 260 ألف شرطي ودركي لحماية حوالي 23 مليون ناخب تمت دعوتهم للإدلاء بأصواتهم في 50 ألف مكتب تصويت. ويترشح بوتفليقة لولاية رابعة رغم متاعبه الصحية التي أعقبت إصابته بجلطة دماغية العام الماضي استدعت غيابه عن الجزائر ثلاثة أشهر للعلاج في باريس، وما زال الرئيس يخضع لإعادة تأهيل وظيفي لاستعادة قدرته على الحركة والنطق. ودعا بوتفليقة الذي غاب عن تنشيط الحملة الانتخابية الجزائريين إلى التصويت وعدم الاستجابة لنداء المقاطعة. وبالنسبة لبوتفليقة الذي لم يشارك في الحملة الانتخابية بسبب مرضه فإن «الامتناع عن التصويت إن كان من باعث نزعة عبثية ينم عن جنوح عمدي إلى عدم مواكبة الأمة وعن عدول عن مسايرتها والانتماء إليها». ودعا تحالف من أربعة أحزاب إسلامية وحزب علماني، ومعهم المرشح المنسحب من الانتخابات أحمد بن بيتور، إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية، واقترحوا «مرحلة انتقالية ديموقراطية». وتنبأ رئيس حركة مجتمع السلم، أكبر حزب إسلامي، بأن «الانتخابات ستكون مزورة وسيُعلَن رئيس الجمهورية رئيساً للولاية الرابعة». في المقابل، انضم السلفيون إلى المنادين بعدم التظاهر في الشارع حتى «لا يحدث شرخ في جسم الأمة». وأصدر أئمة السلفية في الجزائر، يتقدمهم الشيخ علي فركوس، بياناً دعوا فيه الجزائريين إلى «تفويت الفرصة على دعاة الفتنة»، مذكّرين ب «سياسات العنف طيلة عهد لم يكن من السهل اجتيازه». ومنذ استقلال الجزائر في 1962 حكمها سبعة رؤساء لم يغادر واحد منهم منصبه بالانتخاب.