«أنت مقبوض عليك، يحق لك الصمت وعدم التحدث، أي شيء تقوله سيؤخذ ضدك عند محاكمتك، لك الحق بتوكيل محام وإذا لم تستطع سيتم توكيل محام بالنيابة عنك».. نسمع هذه العبارة كثيراً في الأفلام الأمريكية عندما تقوم الشرطة باعتقال شخص ما، وقد يكون المقبوض عليه يعرف حقوقه ويحفظها، ولكن من حقوقه على الشرطة ومن واجباتها هي إملاء تلك الحقوق عليه إذا كان جاهلا بها أو تذكيره بها إذا كان يعيها. تقوم بعض المستشفيات الخاصة على سبيل المثال بنشر لوحات إيضاحية في صالات الاستقبال والانتظار كُتب عليها حقوق المريض التي يجب أن يعرفها ويلم بها قبل تقديم الخدمة أو العلاج له، هذه اللوحات تنبه المريض إلى ضرورة علمه وإلمامه بحقوقه. لكن ماذا لو كان المريض أمياً لا يعرف القراءة والكتابة، وماذا لو كان شيخاً كبير السن ولا يملك ذاك القدر من التركيز والانتباه، بل ماذا لو كان المريض في حالة إعياء وتعب وشغله مرضه وألمه عن التوقف أمام تلك اللوحات وقراءة حروفها الصغيرة بتمعن؟ وجود تلك التنبيهات أمر جيد ومهم ووجودها أفضل من عدمه لكن الأهم منه هو تعريف مقدمي الخدمة بحقوق المستفيدين، من الأفضل أن يكون أفراد الطاقم المعني بالتعامل مع العملاء أو المراجعين على قدر كبير من الجاهزية المعرفية بحقوق عملائهم، ومعرفة أن سبب وجود الموظف في ذلك المكان وتلك الوظيفة هو من أجل تقديم الخدمة التي يتقاضى مقابلها راتبه الشهري وليس منة منه أو تفضلا. في كثير من الأحيان يتعرض المواطن إلى التعطيل أو التأخير بسبب الاجتهادات الشخصية من الموظف خصوصا في الدوائر الحكومية، حيث يجهل كثير من موظفي القطاع العام حقوق المواطن أو يتجاهلونها بسبب ضعف الرقابة والرتابة البيروقراطية، فكثيراً ما نسمع عبارة «راجعنا بكره» دون التأكد من المعاملة أو النظر إليها حتى، ودون إعطاء المراجع سبباً وجيها لحاجته بإعادة المراجعة في اليوم التالي، بل يطلق الموظف تلك العبارة بناء على مزاجه الشخصي أو لعدم رغبته بالعمل، والدليل على ذلك أنه في بعض الأحيان يلجأ المواطن بعد سماعه لتلك العبارة إلى الواسطة أو التصعيد والشكوى، فيتم إنجاز معاملته في نفس اليوم، ومرة أخرى ليس تفضلا أو منة بل حسب النظام واللوائح. إذا تم تعريف موظفي الدوائر الحكومية بحقوق المراجعين وتم التأكيد عليها من قبل مديريهم وتم سن نظام رقابي صارم يجازي المحسن ويعاقب المسيء عندها لن يحتاج المراجع إلى البحث عن واسطة ولن يضيع وقته بالتنقل بين أروقة المكاتب بحثاً عن مسؤول أو مدير يبث له شكواه، عندما يعرف الموظف أنه سيعاقب إذا تقاعس في تقديم الخدمة للمواطن فإنه لن يضحي بمستقبله الوظيفي على حساب راحته الوقتية أو مزاجه الشخصي الطارئ. بالطبع هناك عدد من القطاعات الحكومية التي تطور فيها النظام الإداري وساهم في تقديم خدمات جيدة وسريعة للمراجعين، والجميع يعرف تلك القطاعات ويلمس مدى تطورها وسرعة الإجراءات فيها لذا لا حاجة لذكرها ومدحها، لأن عملها هذا هو الواجب المناط بها القيام به ومع هذا لها جزيل الشكر. الحقوق كالقوانين والأنظمة قد تكون مكتوبة ومصادقاً عليها من قبل الدولة، كحقوق الطفل والزوجة والعامل وصاحب الإعاقة وغيرهم، ولكن قد لا يستفيد منها أصحابها لجهلهم بها أو لعدم إلمامهم بتفاصيلها، وطالما أن القانون اعتبرها حقوقاً فإن صاحبها لا بد أن يحصل عليها سواء علم بها أم لم يعلم وهذا لا يتأتى إلا بقانون ونظام ينص على أن من مهام وواجبات مقدم الخدمة هو تعريف المستفيد بتلك الحقوق وبعد هذا يتم مراقبة أدائه عبر تقييمات الأداء الإدارية الحديثة التي تجازي المحسن وتعاقب المسيء والمتخاذل.