أثار الاستقبال الشعبي والرسمي الكبير لجولة رئيس وزراء الحكومة الفلسطينية في غزة إسماعيل هنية في عدد من الدول العربية و الإسلامية العديد من التساؤلات عن مدى استفادة حماس من الربيع العربي لتعزيز شرعية حكومتها التي تعرضت لحصار سياسي واقتصادي كامل منذ سيطرتها على القطاع عام 2007، واستعانتها بالأحزاب والتيارات السياسية الإسلامية التي وصلت للحكم وفي مقدمتها حركة الإخوان المسلمين لفك هذا الحصار . «الشرق» حاورت طاهر النونو المتحدث باسم الحكومة الفلسطينية في غزة، وتحدث عن أهم النتائج السياسية لجولة هنية، وما تردد عن محاولات من قيادات في السلطة الفلسطينية وحركة فتح لمنع استقبال هنية بشكل رسمي من قيادات الدول التي زارها، وعن تطورات ملف المصالحة وتقييم ما تم إنجازه حتى الآن وفيما يلي النص الكامل للحوار – ما تعليقكم على تصريحات قيادات في السلطة الفلسطينية وحركة فتح قللت من شأن الجولة الخارجية لهنية ؟ – هناك بالفعل جهات في السلطة الفلسطينية وحركة فتح حاولت إفشال جولة هنية الأخيرة بكل الطرق، وما قاله سفير منظمة التحرير في تونس هو دليل على صحة ذلك، فهو حاول التقليل من أهمية الزيارة ضمن محاولات السلطة التقليل من أهمية الجولة، والتي وصلت إلى حد حث بعض الشخصيات عدم استقباله في تونس وتركيا والسودان، لكن هذه المحاولات فشلت لأن هنية زار هذه الدول كرئيس وزراء فلسطين، وخلال لقائه مع نظيره التونسي قال الأخير أننا دولة تحترم القانون ونستقبل هنية كرئيس للحكومة الفلسطينية طالما أن المجلس التشريعي الفلسطيني لم يعط الثقة لحكومة أخرى. وننصح فتح وسفراءها وقياداتها على المضي قدما في المصالحة بدلا من هذه المحاولات والتصريحات الصبيانية التي تنم عن جهل بالمتغير العربي والإقليمي، وبالواقع السياسي، لا نريد أن ندخل معترك تراشق إعلامي من جديد، فهذه الزيارة لم تكن ضد أحد ولم تكن إلا لصالح فلسطين ولصالح المشروع الفلسطيني دعونا من هذا التراشق الإعلامي الذي لا يخدم أحدا. – إلى أي درجة ساهمت الزيارة في إنهاء الحصار السياسي المفروض على حكومتكم منذ عام 2007؟ – نستطيع القول أن الزيارة وسعت الخرق في جدار الحصار السياسي المفروض على قطاع غزة لا شك أن هناك بعض الأنظمة لا تزال تستجيب للضغوط الأمريكية و الإسرائيلية وتستجيب لبعض الدعوات من شخصيات في السلطة وفتح ولكن هذه الزيارة أكدت أن حكومتنا ليست معزولة عن العالم العربي والإسلامي، وأننا حكومة لنا من يقف إلي جانبنا في الوطن العربي والمحيط الإسلامي. – كانت زيارة هنية لتركيا محطة بارزة في جولته، لكن إلى أي درجة شعرتم أنكم مرحبا بكم من جميع الأطياف السياسية التركية و ليس حكومة العدالة و التنمية فقط ؟ – حرص رئيس الوزراء خلال زيارته إلي تركيا أن يلتقي الجميع والتقى رئيس الوزراء ووزير الخارجية وقادة كافة الأحزاب سواء المؤيدة والمعارضة للحكومة، وذهب إلي البرلمان في أنقرة، فنحن زرنا تركيا كدولة، ولذلك قيل لنا من مختلف الأحزاب التركية أنه على الرغم من الخلاف الداخلي ما بين هذه الأحزاب وما بين الحكومة إلا أنها تؤيدها في دعمها للقضية الفلسطينية، هذا الأمر مؤشر على أن القضية الفلسطينية في قلب العمل السياسي التركي، وهذا ما أردناه من دولة في وزن تركيا، أن يكون هناك إجماع حول الموقف الرسمي التركي تجاه فلسطين سواء كان اقتصاديا أو سياسيا، وأن يخدم هذا الموقف الحق الفلسطيني، وأن نصل إلى درجة إعلان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أن رفع الحصار عن غزة هو أحد شروطه الثلاثة لإعادة العلاقات التركية مع تل أبيب هذا يعني أن تركيا تقف إلى جانب الحق الفلسطيني، وبالتالي هذا إنجاز مهم يجب المراهنة عليه من دولة قوية ومحورية ودولة لها الوزن والثقل الذي تمثله تركيا في المنطقة . – هذا على المستوى السياسي ولكن ماذا بالنسبة للمستوى الاقتصادي بعد ما تردد عن تبني تركيا لخطة شاملة لتنمية قطاع غزة ؟ – أبلغنا أن تركيا على استعداد للمساهمة في بناء البنية التحتية في قطاع غزة، ضمن خطة تنموية واسعة وشاملة، وهناك مجموعة من الوزراء سيزورون تركيا قريبا لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، وهناك إصرار تركي على كسر الحصار وإعادة بناء وتأهيل المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة وتحقيق التنمية التي نأمل الوصول إليها في المراحل المقبلة. – هل طلبتم من تركيا أن تلعب دورا في فتح خطوط للعلاقات بينكم وبين الدول الغربية؟ – لا شك أننا نريد من تركيا أن تلعب مثل هذا الدور، وبخاصة لما تتمتع به من علاقات مميزة على مستوى العالم، ونحن قلنا بوضوح ومن خلال وجودنا في تركيا أن على المجتمع الدولي الآن وفي هذه المرحلة في ظل الربيع العربي الراهن، أن يعيد التفكير في وجهة نظره الخاطئة تجاه التعامل مع الحكومة الفلسطينية المنتخبة وتجاه نتائج الانتخابات الفلسطينية، على المجتمع الدولي أن يستمع منا لا أن يسمع عنا هذه رسالة أوصلناها من خلال العديد من الأطراف في مقدمتها تركيا نأمل أن تجد هذه الدعوة آذانا صاغية، دعونا إلى حوار بعقل منفتح وخاصة مع الدول الأوروبية ونجدد من خلال صحيفتكم أننا جادون في الحوار بدون شرط أو قيد لأن انعدام الحوار هو الذي يبقى الأبواب موصدة نحن بحاجة إلى فتح هذه الأبواب الآن، وعلى أوروبا أن تسمع منا مباشرة، ما كأن يقال لها ثبت زيفه وثبت كذبه باعتباره جزءا من الدعاية الصهيونية ونعتقد أن أطرافا أوروبية ربما بدأت تستجيب في هذا المجال. – هل هناك بالفعل اتصالات تجري بينكم وبين دول أوروبية؟ هناك أكثر من طرف أوروبي تحاور معنا على استحياء، أعتقد أن في المرحلة المقبلة يجب أن يعلنوا عن هذه الحوارات، ولن نعلن عنها حتى يعلنوا هم، ونحن حريصون على استمرار هذه الحوارات وتطويرها. – كيف نظرتم للاستقبال الشعبي لهنية خلال زيارته لتونس ؟ وهل هو ناتج عن فوز الإسلاميين؟ – ما رأيناه في تونس هو نتيجة للديمقراطية وللثورة العربية بغض النظر عن الجهة التي فازت بهده الديمقراطية لأن الشعوب العربية بغض النظر عن ميولها السياسية وانتمائها الفكري، فهي تقف بطبيعة الحال إلى جانب الموقف الفلسطيني وإلى جانب الحق الفلسطيني. ما شاهدناه في تونس كان من أناس من مختلف الأطياف السياسية وقفوا ورحبوا بنا وتظاهروا من أجلنا واستقبلونا في الاحتفالات، وهذا الأمر يدلل بأن الشعوب العربية إذا ما أخذت حريتها وحقها في التعبير عن رأيها بحرية فإنها تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني. كان يقال في السابق أن تونس في واد والقضية الفلسطينية في واد آخر، ولكن عندما ذهبنا لتونس وجدنا أن فلسطين في قلب كل تونسي سواء كان من حزب النهضة أو من غير حزب النهضة سواء كان ليبراليا أو يساريا أو اشتراكيا أو إسلاميا فإن فلسطين تسكن في قلوبهم، وهذا ما وجدناه لدى كل أحزاب تونس لدى الرئيس ورئيس الوزراء والنواب ومختلف الأطياف، لكن بالتأكيد لا يمكن أن نتجاهل أن انتصار حركات إسلامية في المحيط العربي في التجربة الديمقراطية التي تلت ثورات الشعوب يخدم وحدة الفكر والمشروع الذي نسير عليه. – ما تفسيركم لرفض رئيس الوزراء المصري استقبال هنية ؟ وهل أثر ذلك على أجواء الزيارة؟ – بالأساس ذهابنا إلى مصر كمحطة انطلاق أولى للدول التي كانت مدرجة ضمن الجولة، ولكن رأى هنية أنه من الواجب أن نلتقي القيادات المصرية والشعب المصري وأن نعبر لهم عن عميق تقديرنا، وتهنئتهم بنجاح الثورة والتجربة الديمقراطية والانتخابات، وهو ما نقلناه إلى وزير المخابرات، وشكر المخابرات المصرية لدورها في صفقة تبادل الأسرى وتوقيع المصالحة الفلسطينية ودور المخابرات في إخراجه للنور، وكان هناك زيارة لأطياف مصرية مختلفة من بينها المرشد العام لحركة الإخوان المسلمين، وشيخ الأزهر. أما لقاء رئيس الوزراء المصري من عدمه فمناط بهم وبكيف يديرون العلاقات مع الشعب الفلسطيني لكن نحن نعتبر أن مصر بيتنا، ويمكن أن نزورها في أي وقت، وهذا ما أبلغنا به من القيادات المصرية التي التقيناها، والانتخابات الأخيرة في مصر أفرزت قيادات جديدة. لكن هذه الحالة الديمقراطية لم تنته، يمكن الحكم النهائي على مصر ونظامها السياسي مع تشكل النظام المصري الجديد بكل مكوناته، أما هذه فمرحلة انتقالية لا نعاتب فيها بعضنا البعض. – إلى أي مدى سيؤثر فوز حركة الإخوان المسلمين بأغلبية في مجلس الشعب على علاقتكم بمصر؟ علاقاتنا مميزة مع الإخوان المسلمين بفعل الخلفية الفكرية المشتركة، وهذا أمر بالتأكيد مريح، ومستعدون أيضا لإقامة علاقة مع أي حزب مصري آخر يفوز بالانتخابات، ونأمل لمصر التعافي والاستقرار والخروج السريع من واقع الأزمة التي مرت بها، نعتقد أن الإخوان المسلمون قادرون ولديهم القدرة أن يحققوا هذا، عندما تبدأ مرحلة تطبيق وتشكيل الأجهزة التنفيذية للدولة بمعنى الحكومة وأجهزتها المناطة بها بعد انتهاء الانتخابات. المصالحة خيار استراتيجي نحن نعتبر المصالحة خيارا إستراتيجيا لابد من المضي فيه ولا رجعة عنه تحت أي ظرف، في ديسمبر كان هناك تطورات هامة فللمرة الأولى جرى الاتفاق على مواعيد للتطبيق وعلى بعض الآليات وشكلت لجان وكان هناك اجتماع للمرة الأولى للجنة الإطار القيادي المشترك لإعادة بناء منظمة التحرير هذه النقاط كلها نعتقد أنها نقاط إيجابية ولمسنا في هذه اللقاءات حقيقة روح إيجابية من حركة فتح ورغبة في التقدم باتجاه المصالحة لكن للأسف ما نلمسه على الأرض أن بعض القيادات المتنفذة وبعض الأطر تقوم بتعطيل المصالحة ولم ننجح في تحويل القرارات السياسية إلى الميدان فمثلا لجنة الحريات حتى اللحظة لم تحرز أي تقدم في الملفات التي جرى الاتفاق فيها، وملفات المعتقلين وجوازات السفر والإعلام وما يسمونه بالسلامة الأمنية وحرية التنقل، نحن أعربنا عن جاهزيتنا التامة لتطبيق كل ما تم الاتفاق عليه في لجنة الحريات، وعقد رئيس الوزراء فور عودته إلى غزة لقاء مع قيادات فتح وحماس في بيته لبحث هذا الأمر وأبلغ الحركتين أننا مستعدون فورا لتطبيق ما تم الاتفاق عليه، وبالنسبة لقضية المعتقلين من تقرر اللجنة الإفراج عنه سيتم إطلاق سراحه فورا، ولكن بشكل متبادل ومتزامن، وأبلغنا حركة فتح استعدادنا لتسليم منزل الرئيس أبو مازن فورا و لم يأت أحد لاستلامه، في المقابل حتى هذه اللحظة لم يحدث أي تحرك مماثل في الضفة، ولا ندري لماذا لا يكون هناك التزام من الطرف الآخر، بصراحة المشكلة ليست من الإخوة في حركة فتح الموجودين في غزة المشكلة في حركة فتح في الضفة.