لا يوجد أحد منّا إلا ولديه حساب في أحد مواقع التواصل الاجتماعي، أو في بعضها، وللحق، فإنها نجحت إلى حد كبير في تقصير المسافات، وتقريب التواصل بين الأصدقاء والزملاء، نظراً للسرعة التي تتمتع بها وتوفرها، فكل ما يعمله أحدنا بعد الكتابة أو التغريد، أو التصوير؛ ضغطة زر، وتكون قد سافرت عبر الآفاق نحو مقصدها، كما أنها أحدثت حراكاً لدى كثيرين، فلم يعد معها شخص يجهل كثيراً من الأخبار، أو تغيب عنه كثير وكثير من المعلومات، نظراً لما توفره من حجم المعرفة والمعلومات، والأخبار من هنا وهناك. لعلنا نحن السعوديين من أكثر الشعوب استخداماً ل«تويتر»، كأهم وسائل التواصل الاجتماعي كما يقال، ولأن كل أو بعض تلك الوسائل في متناول الجميع، فقد أصبح بمقدور كل من يتعاطى معها أن يراسل، وينشر، ويكتب، ويغرد، وينقل، لكن ما يلفت الانتباه في الأمر، أنها كشفت وجهاً آخر لمستخدميها، وأعني أنها كشفت ما يحمله الشخص من توجهات فكرية، أو محتوى ثقافي، سطحياً كان أم عميقاً، ولهذا لم يعد ينفع معها أن يختفي (بعضهم) خلف أقنعة كانوا يموهون على الناس بواسطتها، فالسطحي سرعان ما يقوم بنسخ ولصق كل ما يمر به من رسائل دون تمعن أو تفكير، وأصحاب الشائعات يجدون فيها ساحاتهم التي يرسلون إليها ما يجدون أنها تخدم أفكارهم عبر زرع البلبلة لأغراض شخصية بين أوساط الناس في المجتمع، وأصحاب التيارات الفكرية، يرون أنها المنطقة الأكثر مساحة وسقفاً في الكتابة بحرية، ويرون فيها مساحة للتعبير عن إبداعاتهم الأدبية والثقافية، لكن الخطير في الأمر، هم تلك الفئة التي تحاول تخطي الخطوط الحمراء فتقوم بنشر ما لا يتفق معهم أحد حوله من آراء، وتكون رسائلهم في مجملها، إما نقداً جارحاً، أو تطاولاً بذيئاً، أو شتماً، أو تهييجاً بغرض الفتنة عبر حسابات بأسماء مستعارة، وهناك فئة لهم حسابات تخصص أصحابها في نشر الرذيلة. وللحد من كل ذلك يفترض في مدارسنا، أن تربي في طلابها، كيف يستفيدون من مثل هذه الوسائل، ويتقون ما ينشر فيها، فالأمر جد خطير، وأخلاقياتهم في منزلق؛ وإن لم تتدارك وتصان، فلن ينفع الكلام بعد ذلك. ما أجمل ما قال معروف الرصافي: