قال رئيس مجلس إدارة شركة «بروج» العقارية رجل الأعمال السعودي حسن الجرمان، إن مرحلة اليتم المبكر قادته إلى التطلع لمنافسة كبار العقاريين والمستثمرين، وأضاف في حوار ل» الشرق»، أن مبلغ عشرة آلاف ريال جعله يغامر ويدخل صفقات بمئات الملايين، مفيداً بأن الانطلاقة كانت عبر مؤسسة صغيرة تحولت فيما بعد إلى شركة كبيرة، وأصبحت اسماً لامعاً في عالم العقار، وامتدت فروعها ومشروعاتها إلى مصر والسودان والإمارات. الاعتماد على النفس - هل لك أن تكشف لنا جانباً من رحلة كفاحك كرجل أعمال؟ – عشت اليتم مبكراً، إذ توفي والدي – رحمه الله – وعمري لم يتجاوز الخمسة أشهر، نشأت في كنف والدتي، أطال الله في عمرها، وفي نهاية العقد الثاني تزوجت من ابنة عمي، ولأن اليتم علمني الاعتماد على النفس انتقلت بزوجتي إلى الرياض بحثاً عن مصدر رزق يعينني على أعباء الحياة، وبتوفيق من الله حصلت على وظيفة في وزارة المالية، وعملت فيها قرابة 18عاماً، قبل أن أتركها وأتفرغ لأعمالي الخاصة. حلم الثراء * عند انتقالك إلى الرياض، هل كان يراودك حلم الثراء.. وكيف كنت تخطط له؟ – كأي إنسان طموح، لم يتوقف طموحي عند حد الوظيفة الحكومية، بل كنت أطمح للمزيد، وكنت دوماً أبحث عن عمل آخر لتحسين وضعي وزيادة دخلي. – ومتى أتت الفرصة وكيف اغتنمتها؟ – أتت الفرصة من خلال بحثي المستمر، وإصراري الدائم على العمل في مجال آخر، وشاءت الأقدار أن تتوطد علاقتي بشريحة كبيرة من المستثمرين ورجال الأعمال، وكان من أبرزهم خالد البلطان والسعيدان، ومجموعة أخرى، فلم أتوان في اغتنام الفرصة، كأي شخص مبتدئ عملت معهم في تسويق العقار كوسيط، ومن ثم كمستثمر بالتعاون مع عقاريين لهم باع طويل في هذا المجال، ويحظون بالثقة والمصداقية والأمانة في التعامل مع الآخرين. سلاح الصبر - وما الصعوبات التي واجهتك في البداية؟ – تعرضت لمواقف عدة، ربحت وخسرت، وبالصبر والمثابرة تجاوزت نتائج تلك الخسائر، فالصبر والمثابرة هما السلاح الذي يجب أن يتسلح بهما رجل الأعمال والمستثمر، كي يحقق مبتغاه، وبعدما حصلت على شيء من الخبرة وكأي إنسان لديه طموح قررت أن أقدم استقالتي من الوظيفة الحكومية، ودخلت مجال العقار . – كم كان رأس مالك حينها؟ – بدأت كوسيط برأس مال لا يتجاوز العشرة آلاف ريال، واستأجرت مكتباً عقارياً «مؤسسة الجرمان العقارية» بالمبلغ نفسه تقريباً عام 1417ه ،وانطلقت كوسيط مسوق للأراضي. بيع عمارة - وما هو أول مبلغ حصلت عليه؟ – 75ألف ريال حيث تمكنت من بيع عمارة لأحد المستثمرين وحصلت على هذا المبلغ كنسبة أو بما يسمى بالسعي. – عندما قبضت هذا المبلغ ماذا فكرت أن تعمل به؟ – من الطريف أن الشيك ظل في جيبي عشرة أيام ولم أصرفه خشية أن لا أحسن التصرف في الاستفادة منه، كنت أخشى أن يذهب دون فائدة. – ومتى حصلت على فرصتك التي كانت الانطلاقة الحقيقية بالنسبة لك؟ – أتيحت لي فرصة في مخططات أعلن عنها للبيع كمنتجعات واستراحات في «العمارية» شمال الرياض، وكان المسّوق لها شركة المسعري والطويل، فذهبت إليهم كمستثمر وكانت لديّ بعض الخلفيات في العقار ووجدت بعض الأسعار في متناول اليد، فاشتريت منهم أرضاً بمليوني ريال، ولم أكن أملك منها سوى 250 ألفاً، دفعتها كعربون وطلبت منهم مهلة أسبوعين حتى أكمل لهم باقي المبلغ. تورط ومغامرة - كيف وأنت لا تملك سواها؟ – كانت مغامرة، فبعدما كتبت العقد لم يكن أمامي سوى أن أتصرف بطريقة تجعلني أحافظ على سمعتي ومصداقيتي وهي أن أبيع على زبون آخر وأنقذ نفسي، وكنت صراحة خائفاً ألا تباع معي وأتورط، وفي طور تلك الأزمة لاحظني محمد المسعري وهو رجل كفؤ، وقال لي لا تقلق الذي يباع معك ربحه لك، والذي لا يباع بعد المدة المحددة فالخيار لنا، ولكن شاءت إرادة الله وبعتها كلها قبل المدة وبربح مليون و200 ألف ريال. – ألم تكن تخشى أن تخسر العربون وأنت لا تملك غيره جراء تلك المغامرة؟ – اعتمدت على الله أولاً، ثم على علاقتي وسمعتي ومصداقيتي مع عدد من رجال الأعمال الذين كنت أثق بأنهم سيقفون معي لو تطلب الأمر ذلك. ازدهار العقار - وماذا بعد المليون الأول؟ – كان سوق العقار حينها مزدهراً والأسعار في متناول اليد، وشاءت الأقدار أن التقي خالد البلطان، وكان قد اشترى كمية كبيرة من المخططات فهو شخص مقتدر ولديه باع طويل في التجارة، وصاحب فكر ومصداقية، وشجعني على الشراء ووعدني بالدعم والمساعدة، وقال لي: اشتري ولا يهمك، وكانت بصراحة خدمة كبيرة من البلطان أسهمت في تشجيعي ورفع معنوياتي كونها أتت من رجل له مكانته وثقله، وأعطتني الضوء الأخضر في الإقدام على الشراء، وبعدما اشتريت لم تمض سوى عشرين يوماً حتى بعت بفائدة مليون و800ألف، ومن هنا كانت الانطلاقة الحقيقية وتوالت الصفقات التي تجاوز بعضها ال500 مليون ريال في ذلك الوقت. غيرة ومنافسة - بعد التوسع، هل وجدت منافسة أو غيرة من رجال الأعمال، أم أنهم كانوا يشدون من أزرك ويدعمونك؟ – لم تكن هناك غيرة أو تنافس غير شريف، بل العكس كانت العلاقة جيدة ومازلت أحتفظ بصداقاتي ومصداقيتي وحسن التعامل مع الجميع وهم يبادلونني بالمثل، إذ أحرص على الحفاظ على علاقتي مع كل مَنْ التقي سواء من خلال العمل أو الصداقة. – هل لديك استثمارات خارج المملكة؟ – نعم، هناك عدة مشروعات مع عدد من المستثمرين في عدد من البلدان العربية منها مصر والسودان والإمارات. مقالب العقار - مقالب العقار كثيرة، هل تعرضت لبعض منها؟ – نعم هي كثيرة، ولكن عندي حصانة تحميني منها، لذلك لم أتعرض ولله الحمد لأي منها. – وهذه الحصانة من أين حصلت عليها؟ – خبرتي في المجال تحميني، فأي موقع في المملكة حتى لو لم يسبق أن اشتريت أو بعت فيه أملك الإلمام والحاسة المميزة التي أدرك من خلالها أن هذا الشيء صالح أم العكس.