صدى ردود الأفعال على توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، للحد من فتاوى تحريض الشباب على إزهاق أرواحهم، والزج بهم في أتون نيران القتال في المناطق الملتهبة حولنا، كان في الخارج إيجابياً ومدوياً، شفى صدورهم ولملم جراحهم، لكن العجيب ما تردد من أصوات في الداخل، كان لها فيما يبدو رأي حول تلك العقوبات، وأغلب الظن أنها أصوات تعاطفت مع المحرضين، وبررت أسباب تحميس الشباب للموت في جهاد مزعوم. تأذينا من أهوال الإرهاب والجماعات الراديكالية المتطرفة، منذ الثمانينيات،حين تصاعدت حملات الزج بالشباب للقتال في الحرب الأفغانية ثم البوسنة يليها العراق وأخيراً سوريا. وكان لظهور تلك الجماعات الحزبية المتطرفة، التي ظهرت بمسميات مختلفة، وتحت شعارات سياسية، تفرخت عناصرها من تنظيم القاعدة، التنظيم الذي لا تصدق نيات قياداته، وتربطه بأجهزة استخباراتية غربية علاقة وطيدة، كشفت عنها تسريبات ويكيليكس قبل سنوات بأن كشفت تلك الجماعات عن وجه أهدافها الأسود التنظيم. ولو أن الغرب كان صادقاً في حربه على الإرهاب منذ عام2001م، وجاداً في عزمه على اجتثاث جذوره. لما احتضن عناصر قياداته لتعيش في أراضيه تخطط وتحرض، وتظهر بقوة في بؤر الفتن وتصعدها، ويُسكت عن إرهابهم. العقوبات التي نص عليها الأمر السامي، ضد المقاتلين مع الجماعات الإرهابية في الخارج والمحرضين ودعاة التغرير بشبابنا ودفعهم للموت والتهلكة، جاء في وقته ليؤكد حرص الدولة على إبعاد شبابنا عن التطرف وتحصينهم ضد الفكر المنحرف، للحفاظ على أمن وسلامة البلاد، مسألة الأمن الفكري، مسألة بالغة التعقيد، لكن الوصول إلى خطط استراتيجية لتحقيق أهداف صائبة، في اجتثاث جذور الفكر المنحرف، ليس أمراً صعباً، وأيقن عقلاء الأمة، ببصيرتهم، وصدق رؤاهم وقراءتهم للواقع المؤلم، أن الوضع يزداد غموضاً وتعقيداً، في ظل عولمة الثقافة والمد الفكري والتسلط الإعلامي، بما له من نفوذ قوي، وتأثير عميق، في حياتنا المعاصرة، عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت، حيث تتم إدارة الجماهير وصناعة الرأي العام، بالحشد الفكري والعاطفي والحماسي. وتُعد السيطرة على هذا المد والتحكم في معطياته، مستحيلة، وتشكل الرسائل والتغريدات المحرضة خطورة كبيرة على المجتمع، لأنها تلوث فكر الشباب والمراهقين وتؤثر في سلوكهم ومعتقداتهم، وتغسل عقولهم وتشوش عليها، كنا قد توجسنا خيفة من تعرض شبابنا للانحراف، لكن الذي أقلقنا هو البحث عن أجوبة أسئلة كثيرة مؤرقة، فيما نحن صانعون؟ فجاء القرار السامي ليشرع قانون الحفاظ على أمن شبابنا، وتحصينهم ضد التيارات الفكرية الإرهابية وإبعادهم عن شبح الموت.