بينما كانت سيارتي تسبح في بحر السراب وتصارع أمواج الريح في الطريق إلى القصيم لاحظت ظمأ جهاز الجوال للكهرباء، وما إن وصّلته في شاحن السيارة حتى انسابت إليه الإلكترونات عبر السلك النحاسي الموصول بالدينمو. والإلكترونات شذرات غامضة تنتج عن تكسير مجال مغنطيسي عند دوران أسلاك نحاسية خلاله ضمن اختراع عبقري يُسمى (الدينمو)، يُحول الطاقة الحركية إلى إلكترونات قابلة للنقل عبر الأسلاك وقابلة للتخزين في البطارية. ويستمد دينمو السيارة طاقته الحركية (الدوران) من محرك السيارة. والمحرك اختراع عبقري آخر يُحول الطاقة الحرارية إلى حركية عبر سلسلة متتابعة وسريعة من الانفجارات الهائلة الناتجة عن اشتعال البنزين داخل أسطواناته الثماني، التي لولا الله ثم جهاز امتصاص الصوت لكان لها دوي ثمانية مدافع مضادة للطائرات. والبنزين يحتفظ بطاقته الحرارية منذ الديناصورات التي عاشت في شرق الجزيرة قبل مليون سنة وماتت وتسربت خلاصتها إلى مكامن الأرض ثم استخرجتها أرامكو وكررتها وباعت البنزين إلى محطة البنزين ثم إلى سيارتي. وتلك الديناصورات استخلصت هذه الطاقة من السعرات الحرارية المخزنة في أوراق الأشجار التي تغذت عليها. وأوراق الأشجار امتصت طاقة الشمس على مهل عبر التمثيل الضوئي. والشمس تُنتج الطاقة من دمج ذرات الهيدروجين في مفاعلها النووي العملاق. وذرات الهيدروجين تحتفظ بطاقتها الهائلة من بقايا طاقة الانفجار العظيم الذي حدث قبل أربعة عشر مليار سنة وفتق السماوات والأرض بعد أن كانتا رتقاً. الإلكترونات والمغناطيس والروح والطاقة أشياء نُدرك آثارها، ولكن تقصر عقولنا عن إدراك كنهها. والآن ارتوى جهاز الجوال من طاقة الانفجار العظيم فالحمد لله الذي يبدأ الخلق ثم يُعيده.