في فتوى قديمة للشيخ القرضاوي أكدَ فيها أن العمليات التي يقوم بها الشباب المسلم الذي يدافع عن أرض الإسلام وعن دينه وعرضه تعد من أعظم أنواع الجهاد في سبيل الله، وهي من الإرهاب المشروع الذي أشار إليه القرآن في قوله تعالى: «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم». في الوقت نفسه، اعتبرَ القرضاوي تسمية تلك العمليات بالانتحارية تسميةً خاطئةً ومضللةً؛ لأنها عملياتٌ فدائيةٌ بطوليةٌ استشهادية أبعد ما تكون عن الانتحار، ومن يقوم بها أبعد ما يكون عن نفسية المنتحر؛ جاء ذلك في فتوى مطولة للشيخ القرضاوي بعنوان: «شرعية العمليات الاستشهادية في الأراضي المحتلة». الشيخ القرضاوي – اليوم – ينصِّبُ نفسه وصياً على الدول العربية والإسلامية؛ فقد صبَّ جام غضبه على أي دولةٍ لا تنحاز لجماعته الإخوانية في مصر؛ هاجمَ الإمارات العربية المتحدة، ودعا حكام أفضل دولة عربية – تنميةً ورغداً في العيش- إلى تقوى الله في شعبهم، ثم هاجمَ المملكة العربية السعودية؛ لدعمها الشعب المصري حينما نزلوا للشوارع في «30 يونيو» رافضين حكم الإخوان، متَّهماً المملكة بأنها لا تعرف سوى لغة المصالح والمنافع. مشكلة السياسي الديني الأزلية في الأوطان العربية والإسلامية: اعتقاده هو وتلاميذه وأتباعه أن رأيه السياسي هو عين الشرع والدين؛ تلك هي فكرة أكثر الحركات الإسلامية المعاصرة وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، فلو ذكرَ السياسي الديني رأيَه دون أن يكون ممثلاً شرعيّاً للدين لكان الأمر مقبولاً نوعاً ما؛ المشكلة أن يختزلَ الدين في رأيه السياسي؛ يقول الدكتور القطري عبدالحميد الأنصاري: «القرضاوي أستاذي، وأقدره كعالم دين، لكنني أَختلفُ معه في آرائه السياسية، فليس عيباً أن يكون للعالم آراء سياسية، لكن العيب في أن يوهم العالمُ الناسَ أن رأيه السياسي هو رأيُ الدين». مشكلة الفكر الإخواني الذي يتبناه القرضاوي: أنه ساوى بين القضايا الفقهية المحكومة بالنص الشرعي، وبين القضايا السياسية التي يغلب عليها الاجتهاد؛ فليس في الشريعة نصوص تفصيلية في السياسة؛ لكن هناك مبادئ عامة حول السياسة الشرعية. منذ تأسيس جماعة الإخوان وهي تتَّخذُ من الدين شعاراً للوصول للسلطة، بخاصة من تيار سيد قطب الذي حوَّلَ الإخوان إلى جماعة سياسية تستغلُّ الدينَ بامتياز بعد أن أسَّسها حسن البنا بخليطٍ من السياسة والأخلاق الإسلامية. بالمثال يتضح المقال؛ لاحظوا كيف يستغل الشيخ القرضاوي – الإخواني- الدين لأجل السياسة حينما يقول: «الذهاب للاستفتاء على الدستور الجديد معصية»، وبذلك يعلق عليه الدكتور عبدالحميد الأنصاري فيقول: «هذا عمل سياسي، ما دخل المعصية الدينية في ذلك؟ هنا خطورة شيخ الدين حينما يلبِّس رأيه السياسي ثوباً دينياً»، فلو ذكرَ الشيخ القرضاوي رأيه السياسي دون إقحام الناس واتهامهم بالمعصية دون دليلٍ شرعي لهانَ الأمر؛ المشكلة حينما يعتبرُ الشيخ القرضاوي رأيه السياسي حكماً شرعياً؛ لذا حكمَ على فاعله بالمعصية الشرعية. أحترمُ الشيخ القرضاوي كرجل فقه؛ لكونه متجرِّداً في قناعاته المستنبطة من النص الشرعي؛ لكني أتحفظُ على آرائه السياسية المؤدلجة والمتأثرة بسياسة الفكر الحركي الإخواني المستخدم للدين كشعارٍ سياسيٍّ فحسب.