مررت خلال الأيام الفارطة بتجربة مكنتني من الوقوف على المستوى الطبي لبيوت تعتبر نفسها من أكبر بيوت الخبرة الطبية المتخصصة، فقد راجعت أحد تلك المراكز في الرياض لشكوى من نقطة بنية صغيرة تلوح بين الفينة والأخرى أمام إحدى العينين.. وسماها الدكتور المعالج ب «الذبابة» وأحالني لغرف الفحص التي أخذت من وقتي شيئاً كثيراً، ولا تثريب في سبيل الصحة والعافية، وعقب جولة من الفحوص تم استدعائي للمثول أمام الطبيب المعالج للاستماع للتشخيص وتلقي وصفات العلاج، وبالفعل صعقني الدكتور بالقول إني أعاني من ارتفاع كبير في ضغط العين، مما يعني أنني مصاب بالجلوكوما «الماء الأزرق»!! لا حول ولا قوة إلا بالله.. وأن أي تهاون قد يصيب العينين بالعمى. الحقيقة إنني أتيت لعلاج علة بسيطة، ووجدت أني وقعت في حفرة لا قاع لها، أصابتني بضعف المعنويات والخوف المدقع من الانزلاق في أتون العمى لا قدر الله. مرت ثلاثة أسابيع «واحد وعشرون يوماً» من المعاناة النفسية! وأقنعني أحد الفضلاء بعدم الاكتفاء بهذا الفحص وراح يكيل للمراكز والمستشفيات الخاصة بأنها تلهث للربح ولا تعتمد على الجودة! رغم أني قاطعته بعدم التعميم، وأن المركز الذي راجعته يتكئ على خبرات متراكمة. المهم… راجعت مستشفى حكومياً.. وبدأت جولات من الفحوص إلى أن انتهى بي المطاف أمام استشاري قدير نهرني: من قال إنك تعاني من الجولوكوما؟.. تشخيصك خاطئ!! وللتأكيد سوف أعطيك موعداً آخر للتأكد والمعالجة.. حضرت قبل الموعد وكلي ترقب وانتظار..إلى أن حان موعدي.. وقال الدكتور بكل ثقة: لقد اكتشفنا ضيقاً في القناة الدمعية مرده ورم صغير هو السبب في ارتفاع ضغط العين، وأنه لا وجود للجلوكوما عندك… شتان بين تشخيص يرعب بالعمى وآخر يطمئن.. الأول يسرق نقودك ويرعبك بفلوسك، والثاني يطمئنك بعلم وحكمة ودراية. ما تقدم ليست قضية فردية، بل معاناة من تردي الصحة.. أوقعت كثيرين في فخ المتاجرين بالصحة.. ولا غرابة أن يسافر بعض المرضى لدول الجوار للمعالجة. * هل تستوعب الوزارة ضخامة مخصصاتها من الميزانية مقابل تناقص نصيب الفرد من أسرتها.. وتركها مراكز الرعاية الأولية بهياكلها المتآكلة وقواها البشرية المتدنية لدرجة أفقدتها قيمتها.