قبل ما يزيد على خمس سنوات تقدّم الدكتور مازن بليلة عضو مجلس الشورى بمسوّدة مشروع قانون مكافحة التحرش، وبعد أربع سنوات من التأجيل والتعطيل يقرّر مجلس الشورى ممثّلاً في لجنته الدائمة للشؤون الاجتماعية إدراج هذا النظام تحت نظام -قيل إنه أشمل- تقدمت به وزارة الشؤون الاجتماعية للحماية من الإيذاء، وفي السنة الماضية صدر نظام الحماية من الإيذاء خالياً من الإشارة إلى مكافحة التحرش. وأخيراً وبعد ضغوطات الرأي العام جاءت الأخبار بأن مشروع قانون مكافحة التحرش رُفِع إلى رئيس مجلس الشورى وسيرفع -حسب هذه الأخبار- إلى هيئة كبار العلماء للنظر في تحديد العقوبات. سلسلة من الإجراءات البيروقراطية المعطّلة جعلت التحرش يجد بيئةً ملائمة للانتشار، ولم تفلح اجتهادات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لوقفه، لأنّ غياب النظام لا يمكن أن تعوّضه الحلول الارتجالية. ظلّ التحرش مثل «الغول» الذي كلما نوقش أمرٌ يخص النساء رُفِع في وجه المطالبات والمطالبين، مهددين أنه لا يمكن السيطرة عليه. من صالح حرّاس «الغول» أن يبقى طليقاً بلا قانونٍ يجرّمه ويحجّمه ليبقى المجتمع في خوفٍ دائم؛ فلا يجد ملاذاً من الغول إلاّ حرّاسه الحامين له وهم ربما لا يدرِكون. القانون لم يعد يحتمل التأجيل، وتفعيله لم يعد يحتمل المماطلة، وكفى بالقانون وتطبيقه توعيةً وتربيةً للمتحرشين.