نشرت صحيفة الشرق في عدد السبت الماضي حواراً أجرته مع المناضل الفلسطيني مروان البرغوثي القابع في سجون الاحتلال منذ اعتقاله الأخير عام 2002م. هذا الاعتقال الذي اعتبره شاؤول موفاز – وزير الدفاع الإسرائيلي حينها- هدية الجيش للشعب قبيل ذكرى إعلان الدولة الإسرائيلية ، والذي علق عليه شارون بقوله ” أنا آسف لإلقاء القبض على مروان البرغوثي حيّاً و كنت أفضل أن يكون رمادا ً في جرّة “! واكتفى الإسرائيليون بعد تلقي خبر اعتقال البرغوثي بالرقص في الشوارع !! لم أكن بحاجة إلى الكثير من التأمل في حوار البرغوثي مع “الشرق” حتى يطوّقني الرجل بأحلامه الفعلية و لأستشعر همه الأوحد و البعيد عن شخصه المُعتَقل منذ عشر سنوات و المتعايش مع خمسة أحكام بالمؤبد أصدرتها في حقه المحكمة العسكرية في تل أبيب. فالرجل الذي آمن بأوسلو قليلا ً ، ثم ما لبث أن كفر بها وقرر أن يقود الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000 صاحب ذلك الوجه الفلسطيني المُحبّب و الصوت العربي المقرّب من ذاكرة النضال وروح التحرير.. لم يتحدث طويلا ل”الشرق” عن عذابات سجنه الانفرادي، ولم يأت ِ على ذكر تغييبه عن المراحل الأخيرة من صفقة تبادل الأسرى مع إسرائيل (صفقة شاليط)، وما اقترب من التشكيك في وحدة أهداف الفصائل الفلسطينية بقدر ما بعَث الأمل في المقاومة المشروعة للشعب الفلسطيني، ورسَم استراتيجيه للوحدة الوطنية، وأبطَل حجة المفاوضات مع الإسرائيليين. وبغض النظر عن جميع ما يُقال عن فتح وحماس والفصائل الفلسطينية.. وبإشاحة الوجه عمن يرون الحديث عن القضية الفلسطينية ورموزها “كليشيه”، فإن مروان البرغوثي بطل من قبل أن يعتقل لأول مرة وعمره لم يتجاوز الثامنة عشرة وهو بطل الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي اعتقل على إثرها وأبعد بعد إطلاق سراحه إلى الأردن. وظل ذلك الوطني الشهم حتى بعد عمله تحت ظل منظمة التحرير الفلسطينية وعودته إلى فلسطين حيث لم يتوان عن كشف ملفات الفساد في مؤسسات السلطة! مروان البرغوثي.. الإلهام، حصل على الدكتوراه أثناء اعتقاله الأخير وصدر له العام الماضي كتاب (ألف يوم في زنزانة العزل الانفرادي) يقول في جزء منه: “لا بد من استدعاء كل مقومات الصمود الذاتي وهي كثيرة، كي لا يطمئن السجان إلى أن البئر مغلقة، وأن الصوت صار صدى..”. فهل يصلنا الصوت ويقلق السجّان؟