أوضح أمير منطقة عسير الأمير فيصل بن خالد، أن العنف الأسري لم يصل إلى درجة أن يكون ظاهرة في المملكة، رغم كثرة قضاياه في السنوات الأخيرة، مشيراً إلى أن بعض ما يُطرح في الإعلام من قضايا للعنف لا يعكس الواقع الاجتماعي والديني الذي يوصينا بحسن التعامل مع الأبناء والزوجات. وقال خلال تدشينه ملتقى «العنف الأسري.. الواقع والمأمول» بتنظيم من هيئة حقوق الإنسان في منطقة عسير، وبحضور رئيس الهيئة الدكتور بندر العيبان، إلى جانب حضور كبير من مسؤولي المنطقة والمهتمين بهذه الظاهرة والمختصين والمحامين ورجال الإعلام، إن بعض الصحافيين قد يثيرون قضايا العنف دون قصد منهم، حيث يحاولون أن يحصلوا على سبق في نشر مثل هذه الأخبار دون الرجوع لمصادر الخبر لتوثيقه. وأكد أن هذا الملتقى مهم جداً كونه يعالج مشكلة خطيرة جداً، متمنياً أن تكون توصياته حلاً لكثير من المشكلات التي تعترض مسار الحياة المطمئنة الآمنة، وأن نجد هذه التوصيات مطبقة على أرض الواقع. وقال أمير عسير «أصبحنا نسمع كثيراً عن قضايا العنف الأسري في الأعوام القليلة الماضية، وأتمنى أن لا تتطور في قادم الأيام لتصبح ظاهرة، وأن نتكتل لإبراز مخاطر هذه القضية، من خلال الملتقيات والندوات والبحوث كما يحدث في ملتقانا هذه الليلة». وأوضح أنه يجب على الإعلام أن يبين العنف الأسري على حقيقته دون إثارة، كونه شريكاً مهماً في محاربته والقضاء عليه، وقال «بعض الصحافيين هدفهم السبق الصحافي دون التأكد من مصدر الخبر وتوثيق المعلومات، ومثل هذه الأمور تنعكس سلباً على معالجة قضايا العنف، حيث إن للإعلام دوراً كبيراً في إصلاح الأخطاء». وكان سموه قد شهد توقيع اتفاقية هيئة حقوق الإنسان مع كل من مجلس شباب منطقة عسير واللجنة الوطنية لرعاية السجناء والمفرج عنهم وأسرهم (تراحم) والمجلس التنسيقي للجمعيات الخيرية في منطقة عسير. فيما قال المشرف على فرع هيئة حقوق الإنسان في عسير الدكتور هادي بن علي اليامي، إن هيئة حقوق الإنسان سجلت السنة الماضية أعلى مستويات العنف الأسري، إذ بلغت الشكاوى والحالات المسجلة لديها 576 قضية تعنيف ضد المرأة والطفل، مقارنة ب292 شكوى وحالة لعام 1433ه، فضلاً عن تسجيل وزارة العدل 108 قضايا عنف أسري وإيذاء خلال العام الماضي، إضافة إلى 409 حالات عنف سجلتها لجان حماية الأسرة في الشؤون الاجتماعية، ليصبح الإجمالي 1093 حالة خلال العام بمعدل ثلاث حالات عنف وإيذاء يومياً. واعتبر «اليامي» أن «مسارعة الدولة في استصدار نظام الحماية من الإيذاء مواكبة للجهود المبذولة في هذا الصدد بهدف منع وتجريم كل أشكال العنف، سواء داخل المنزل أو في مكان العمل، وجميعنا يترقب إصدار اللائحة التنفيذية الخاصة بهذا القانون لبدء تطبيقه فوراً؛ لأن استصداره يأتي متزامناً مع ارتفاع جرائم العنف الأسري في المملكة». وأعرب رئيس هيئة حقوق الإنسان الدكتور بندر بن محمد العيبان عن مدى سعادته باحتضان منطقة عسير ملتقى (العنف الأسري.. الواقع والمأمول) في ظل الرعاية الكريمة من أمير عسير. وأضاف العيبان، يُعد «العنف الأسري أخطر أنواع العنف، وقد حظي هذا النوع من العنف بالاهتمام والدراسة كون الأسرة هي ركيزة المجتمع وأساس بنائه ونجاحه وتكوره، وعادة ما يكون ضحايا العنف هم الأفراد الأضعف في الأسرة ممن لا يستطيعون أن يصدوا عن أنفسهم الأذى وخاصة المرأة والطفل وذوي الاحتياجات الخاصة والمسنين، وتعود الأسباب في ذلك إلى عوامل متعددة ومرتبطة بكيان الأسرة تكويناً وحجماً وظروفاً اجتماعية وتعليمية وغيرها، وإلى عوامل مجتمعية خارجة عن نطاق الأسرة. وأكد العيبان أن قضية العنف الأسري ونظراً لظهوره كقضية اجتماعية، فقد حاز على اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله كغيره من هموم المجتمع التي يوليها (حفظه الله) جل اهتمامه، وقد وجه (أيده الله) بدراسة المشكلة بأبعادها المختلفة، حيث سُنت كثير من الأنظمة والسياسات لمعالجتها، وكان آخرها الأنظمة العدلية، وأنشئت المؤسسات والهيئات الحكومية، ودُعمت الجمعيات الأهلية، وصولاً إلى إصدار نظام الحماية من الإيذاء كنقلة نوعية تهدف إلى مكافحة العنف الأسري وتجريم ممارسي هذه الجرائم الشاذة غير السوية. وعد العيبان إقامة مثل هذا الملتقى نتيجة لما رصدته الهيئة من حالات عنف متزايدة، وهو بهدف نشر ثقافة حقوق الإنسان ونشر الوعي داخل الأسرة بأهمية التوافق والتفاهم والحوار، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على تماسك الأسرة وحماية أفرادها والتعامل مع الأجهزة الحكومية ذات العلاقة في تطبيق الأنظمة، وعبَّر عن التطلعات من خلال هذا الملتقى إلى إقامة حوار تفاعلي بين المؤسسات الأهلية والجهات الحكومية للوصول إلى توصيات محددة تسهم في علاج هذه القضية.