ازداد تهافت الناس على قراءة الصحف الإلكترونية، وأصبحت المصدر والوجبة الرئيسة لمواقع التواصل الاجتماعي، فأغلب الأخبار والمقالات بل والشائعات والمناكفات التي تُنشر في (فيسبوك) و(تويتر) و(واتساب) من هذه الصحف الإلكترونية. وأصبح الشباب الذي يشكل 60% من عدد السكان منكبين على هذه الوسيلة المعلوماتية. وبالتزامن انحسرت مقروئية الصحف الورقية إلى أدنى درجة. ولكن هذا التحول إلى التقنية وإلى الصحافة الإلكترونية لم يواكبه تنظيم رسمي أو رقابة حكومية، وبقيت الأمور فوضى حتى وصل عدد الصحف الإلكترونية المرخص لها أو المسجّلة في وزارة الإعلام إلى 700 صحيفة، منها ما لها مهنية عالية ومصداقية متناهية، ومنها ما هي مصدر للشائعات ومرتع للعنصريات وتصفية للحسابات والتنقص من الرموز الوطنية والدينية دون أدنى رقابة أو خوف من محاسبة. وأتت لائحة النشر الإلكتروني خالية من أي إشارة إلى عقوبة من تجاوز نظام النشر أو تجاوز آداب المهنة الصحفية. هناك من يزعم أن الأفضل هو عدم الرقابة على الصحافة الإلكترونية من باب حرية التعبير والاحتكام إلى الضمير حتى وإن تقاطعت هذه الحرية مع حقوق الغير وهدَّدت السلم الأمني والاجتماعي وجلبت الشائعات وأشعلت الحرائق الطائفية وغذَّت التصنيفات البغيضة. وأصحاب هذا الرأي نسوا أنه لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم، ولا سراة إذا جهالهم سادوا، وأن من أمن العقوبة أساء الأدب. ولا أدري لماذا تحرص وزارة الإعلام على الرقابة المشددة على الصحافة الورقية مع أنها أقل مقروئية. وتهمل الرقابة على الإلكترونية مع أنها أسرع وأوسع في الانتشار والمائدة الشهية لمواقع التواصل الاجتماعي؟! لذا من الأفضل تعديل لائحة النشر لتراعي وضع ضوابط مهنية وتُبين درجة الرقابة وتوضح آلية معاقبة المسيء. وهذه الدعوة ليست من باب تقييد حرية الكلمة وتكميم الأفواه، ولكنها من باب تنظيم هذه المهنة وضمان المصداقية وزيادة الموثوقية. ونعم لرفع سقف حرية الرأي، ولكن ألف لا للفوضى وإشاعة الفتن وانتهاك حقوق الغير. فسلامة النسيج المجتمعي مقدمة على كفالة حرية التعبير.