يعالج أمين صالح في روايته الجديدة الحنين والتوق إلى المنتظر، ويقدّم أفكاره حول الخلاص، من خلال روايته أحداث حياة ثماني شخصيات يتعلقون بأمل ما يأتي من صوت بعيد، صوت يدعوهم إلى الرحيل نحو ذلك المجهول البعيد في الشمال، باحثين عن طمأنينتهم التي فقدوها في الجنوب. وبلغة مليئة بالماء، يتقدّم صالح بشخصياته واحداً بعد الآخر في فصول ثمانية تقتسم الرواية نحو ذلك البحث، أو ذلك الهروب، ليجرّهم ويجرّنا معهم لاتباع ذلك الصوت البعيد، فالعاملة المنزلية التي تبحث عن زوجها الذي لم يعد للبيت منذ خسرا طفلتهما، والبائع الذي يريد أن يزرع حقله، والبواب الذي يريد أن يجرّب السفر، والشحّاذة التي تسعى لرؤية أمها الميتة، والقاتل الأجير الذي يريد تخليص نفسه بإنقاذ أحد ما من الموت، والمشلول الذي يبحث عن علاج، والعجوز الذي يبحث عن وجوه أصدقائه القدامى، والمصوّرة التي تكتشف وحشيتها، كل أولئك وأدلاؤهم يسعون بشغف يائس للوصول إلى وجهتهم المعلومة المجهولة، في رواية تقدّم لنا صورة لا يمكن القول بوضوحها عن ضياعنا جميعاً خلال رحلات حياتنا المفاجئة والمدهشة وغير المتوقعة. أمين صالح، روائي وشاعر وسينمائي ومترجم، وهو في هذه الرواية يمزج كل صفاته هذه ليقدم لنا نصاً روائياً تتشابك فيه كل هذه الأشكال الفنية بتناغم قادر على اجتذابنا نحو دهشته الخاصة.