من المهم إدراك الأهداف التنموية التي أنشئت من أجلها الجامعات الحديثة، ومن المهم أيضاً أن يعي تلك الأهداف الوطنية القيادات في تلك الجامعات والمعينون في تلك المناصب، ولا تخفى عليكم تلك الآمال والأهداف لمثل هذه المشاريع، وأصبح عامة المجتمع مدركاً الهدف من نشر دور العلم الجامعي في المملكة بشكل متسارع وفي كل الاتجاهات من بلادنا، وذلك بغرض تنمية المناطق ونشر العلم الأكاديمي والأبحاث وتغذية القطاعات الحكومية والخاصة بالمخرجات وتوفير فرص العمل، وأهداف ثانوية مصاحبة لتلك الجامعات الناشئة، يصعب حصرها. جامعة الحدود الشمالية التي كانت في حضن جامعة المؤسس منذ نشأتها وحتى انفصالها مالياً وإدارياً قبل ثلاث سنوات تقريباً، كانت جامعة نشيطة داخل وخارج سور الجامعة، ولكن لم تقفز جامعة الشمال منذ ثلاث سنوات، وربما لم تخطُ إلى الإمام بالوتيرة المطلوبة قبل انفصالها واستقلالها، إذ كانت ديناميكية القيادات وقتها دفعت بالجامعة إلى التوسع العلمي وليس الإداري عكس ما يحصل حالياً، والدليل أن الجامعة حالياً لم تتوسع في الكليات، بل كان التوسع على شكل عمادات، مما قلص نسب القبول للطلاب في الجامعة التي لم تزِد من أعداد أقسامها في العلوم الطبية مثلاً، ولو قارنتها بجامعة الجوف التي تملك ثمانية أقسام في العلوم الطبية وحدها لوجدت الفرق واضحاً، إذ لا يوجد سوى تخصص المختبرات للجنسين والتمريض للطالبات فقط في جامعة الشمالية، وبالانتقال إلى كلية المجتمع وإن كانت قد قررت برنامج التجسير إلا أنها مطالبة بتدريس تخصصات طبية مطلوبة للقطاع الصحي، وهي مساعد فني تمريض، وفني علاج طبيعي، ومساعد فني أسنان، وهذه التخصصات معمول بها في كليات المجتمع بجازان وحائل، ومن المستحسن في مجال التوسع الأكاديمي إنشاء كلية للصيدلة وطب الأسنان وطب الطوارئ والهندسة المعمارية وهندسة التعدين، وقسم للإعلام والشريعة وبرامج الماجستير. علاوة على ما ذكر فلم أفهم بعدُ سياسة التركيز على إنشاء المباني المستعجلة وافتتاحها بهذا الكم، وما المغزى من ذلك، ولماذا لا تنتقل الجامعة لمقرها الجديد بعد أن كانت تتعذر بالكهرباء التي تم إيصالها عاجلاً، وأيضاً ومنذ سنوات يتطلع الأهالي للاحتفال بجامعة متكاملة ذات معالم معمارية مميزة أسوة بالمناطق الأخرى، ولكن لا يبدو أن الانتقال للمبنى الجديد سيكون قريباً، في ظل تناثر المباني وعقود الإيجارات داخل مدينة عرعر ورفحا. ما دعاني للكتابة عن هذه الجامعة أنها مازالت تصف نفسها بالناشئة، والملاحظ أيضاً تقهقرها بعد انفصالها عن الجامعة الحاضنة، ويشهد بذلك أغلب أعضاء هيئة التدريس والطلاب والمجتمع وإعلام المنطقة الذي لم يلقَ يداً تصافحه من داخل أسوار المباني، إذ لم يكن بوسع جامعة الحدود الشمالية الخروج من الأسوار والإسهام اجتماعياً في أنشطة ثقافية توعوية طبية أو حتى إعلامية. أتمنى من معالي مدير الجامعة أن يأخذ ما نكتبه في الصحف المعتبرة بكل جد وحزم وتلافي ما يحصل من توقف لقلب الجامعة، وقلب الجامعة هو المعيدون فيها ورجالاتها في المستقبل، وبسبب توقف قبول المعيدين من أبناء المنطقة فإن إعادة إنعاش ذلك القلب لا تكون إلا من خلال وفتح الابتعاث والتوسع رأسياً بعد أن تشبعت من التوسع أفقياً من حيث الإضافات الإدارية، وأتمنى أن تسعى الجامعة لتوظيف أبناء المنطقة في الوظائف المعلنة بطريقة الأفضلية، وكذلك قبول المعيدين الذين تقلص بشكل كبير في الجامعة، ولا تعرف أسباب التقليص، بل ويعاني الدارسون والمبتعثون المعيدون من عراقيل إدارية قبل ابتعاثهم بدلاً من تشجيعهم، والشكاوى تتزايد بسبب التقليص المالي للتذاكر وبدل السكن للمبتعث، لكننا نعول على معالي المدير وهو صاحب اطلاع إداري معروف وهو يدرك تماماً الأهداف المنشودة من الجامعة، التي أنشئت بأمر ملكي معروف الأهداف والتطلعات، وهي خدمة كل المناطق وفي كل الاتجاهات لتسير عجلة التنمية ولا تُصاب بالعطب حيثما تسير.