كلما زادت سنوات ابتعاد الدكتور إبراهيم العواجي عن موقعه كوكيل سابق لوزارة الداخلية اتسعت مساحة البوح حول تجربته بعيدا عن التزامات الوظيفة، فالرجل الذي يحمل في جعبته تجربة ربع قرن من العمل في وزارة مجتمع سيادية ومتعددة الأذرع والمهام وصف نفسه ب (الكتاب المفتوح) فتحدث دون تلعثم أوتردد أومراوغة في حوار أجرته معه صحيفة عكاظ . وفي سؤال وجه إليه : إشاراتك الشعرية استمرت في (نقطة في تضاريس الوطن)... لكن السؤال: أي قرية تقصدها في المعاناة؟ هذه قصيدة كتبتها نتاج إفراز نفسي لتجارب مررت بها وأنا صغير في قرى المسك وعفيف وجاءت كزفرة ثم توقفت عنها لتوقف الحبكة، وقد زارني الدكتور غازي القصيبي عندما كان وزيرا للصناعة وسألني عنها فأخبرته بسبب توقفي عن إكمالها ولكن بعد سبع سنوات كتبتها وتناولت فيها مايحدث في المجتمع من تفرقة بين قبيلي وخضيري وما شابه ذلك، وجاء الجزء المكمل للقصيدة كما لو أنها كتبت مرة واحدة. وقال : أنا لم أنتم إلى تنظيم معين، وتوجهي كان قوميا لوجود مد الوحدة العربية حينها وتطوير الأمة وكنت كشاب في الثانوية والجامعة أتجه إلى تشجيع أي تحرك تقدمي. وفي إجابة له حول استضافة المملكة للإخوان المسلمين قال : هذه حقيقة لأن مجتمعنا السعودي المسلم بكل ما فيه بعيد عن التطرف بمفهومه السياسي، لكن بذور التنظيم السياسي الديني الإسلاموي جاء بها الإخوان المسلمين الذين أنقذت المملكة رقابهم من سيوف ومسدسات الدول العربية، وعندما جاؤوا لبلادنا بحكم أنهم علماء استلموا المدارس والجامعات بمعسكراتها الصيفية والجوامع، ولكونهم قادة ومنظمين فهم لايستطيعون العيش بلا تنظيم فوجدوا مناخا لايحلمون به ولا يوجد في أي مكان على الكرة الأرضية. والإخوان المسملين : أنا أعتقد أنهم أساءوا للضيافة، ويكفيك أن تعرف أن مأمون الهضيبي تغمده الله في فسيح جناته كان يعمل تحت إدارتي عشرين عاما إلى ما قبل احتلال الكويت بعام، حيث سمحت له الحكومة المصرية بالعودة فرجع ثم أصبح بعد ذلك مرشدا للإخوان المسلمين، وفي نفس السنة التي غزا فيها صدام الكويت أخذ يتغنى بصدام وهاجم المملكة ثم زار العراق، هل تفسر لي ما الذي حدث، هل هذا وفاء أم هذا دين الإسلام؟.. فأنا أتحدث عنهم كحركة سياسية لاتهتم بقضايا فقهية أو عقدية وقال العواجي : أن المشاكل التي أحدثتها صحوة الثمانينيات كانت من رواسب حركة الإخوان في المملكة وبعض دعاة تلك الصحوة كان ينتمي للحركة، وقد يكون بعضهم لازال كذلك، ولعلمك فإن توظيف كلمة الصحوة في المملكة خاطئ، لأننا دولة (صاحية) دينيا وسلفيا وملتزمة ولأن والد هذا (الصحوي) هو إمام المسجد وإخوته وأسرته يؤدون فروضهم المطلوبة، لكن الصحوة تنجح في مجتمعات إسلامية بعيدة عن ممارسة الإسلام وتحتاج إلى صحوة لإيقاظ الوجدان والعقيدة الإسلامية ليعود الناس إلى ممارسة شعائر دينهم. وقال أن أبن لادن تلميذ سيد قطب : وليس بالضرورة أن يكون إخوانيا، لكنه حاكمي تكفيري وكل هؤلاء تلاميذ (سيد قطب) منظر الحركة الذي انتقل بها إلى الدخول في قضايا تفصيلية بشأن الحاكمية وتكفير الدول والحكومات وهذه أسس التكفير الموجود حاليا. وقال العواجي عن دور المؤسسات الأمنية : للأسف أن المؤسسات الأمنية أصبحت تتلقى المخرجات السلوكية لمنتجات المؤسسات الاجتماعية الأخرى كمخرجات التعليم مثلا، ولابد أن تتم معالجة السبب والمصدر قبل معايشة النتيجة لإيقاف فرز هذه السلبيات وأعتقد أن الدولة تسعى لذلك. وفي سؤال وجه إليه عن قيادة المرأة للسيارة : قيادة المرأة للسيارة قضية شكلية مرتبطة بقرار اجتماعي وليست نتيجة تشريع ديني. فأنا زوجتي تقود سيارتها خارج المملكة وكذلك بناتي وأنا لست ضد قيادة المرأة، ولكنني أعتقد ورأيي هذا قلته عندما كنت في الوزارة أنه يجب أن نبدأ قيادة المرأة بالمهنيات اللاتي يحتجن لذلك لأداء عملهن. المسألة تحتاج إلى امتصاص ردود الأفعال في البداية وهي مرحلة لا تأخذ أكثر من ثلاثة إلى أربعة أشهر، وهناك مشاكل يمكن أن تحدث من بعض الشباب ولكنها ليست بخطورة ما يحدث الآن من محاولة خطف بنات بالقوة من سيارات الليموزين ويبقى تطبيق العقاب وعدم التهاون فيه مع كائن من كان هو الشيء المهم في الموضوع، ثم أن السائق الأجنبي لا يجوز الخروج معه شرعا فإن كنا نخاف على نسائنا من ارتكاب الأخطاء فأسهل لهن الركوب مع السائق الأجنبي وتغطية وجهها والذهاب حيثما تريد.