أكد الناطق الإعلامي في شرطة العاصمة المقدسة الرائد عبدالمحسن الميمان إحالة المعتمر الذي ادعى أنه المهدي في الحرم المكي إلى مخفر شرطة الحرم، وتم استجوابه وأخذ أقواله المبدئية وإحالته للعيادة النفسية في مستشفى الملك عبدالعزيز في الزاهر للتأكد من سلامة قواه العقلية التي كشفت مبدئيا عن إصابته بمرض ضلالات العظمة وهو مرض نفسي. وبحسب التقرير في صحيفة عكاظ اليوم , أن المدعي أحيل مع التقرير الطبي المبدئي إلى هيئة التحقيق والادعاء العام بحكم الاختصاص، إذ إنها الجهة التي تتولى التحقيق ومتابعة الإجراءات كاملة. وأشار التقرير إلى أن المدعي مصاب بمرض ضلالات العظمة (مرض نفسي)، كما أكد أن المريض مدرك للزمان والمكان من حوله. وفي سؤال عن مدى وجود تقصير من أفراد الأمن المكلفين بمهمات حماية المنطقة المركزية داخل الحرم المكي، قال الميمان: إن المسجد الحرام بطبيعة الحال مفتوح من جميع الجهات، وموقع الإمام واضح وبارز ومع ذلك هناك إجراءات أمنية وتدابير كافية لمنع حصول أي حادث لا سمح الله. وأضاف «نضع في عين الاعتبار هذه الحوادث، وأكبر دليل في هذه الحادثة أن هذا الشخص لم يتمكن من إحداث أي ضرر؛ سواء أكان بالصوت أم غيره، كما أنه لم يتجاوز أربع ثوان وتمت السيطرة عليه في الحال باحترافية كاملة، وأكملت الصلاة دون أن يكون هناك أي تأثير على المصلين والإمام». وقال «نأخذ بالتدابير فوق الممتازة لمنع عملية الوصول من خلف الإمام التي لا تستغرق أكثر من ثانية وهذا قريب جدا ومع ذلك لم يتمكن الشخص المدعي من إلحاق الضرر بالإمام أو التشويش على المصلين أو قطع الصلاة». خطر مجاور وعلمت مصادر الصحيفة أن شرطة العاصمة المقدسة رفعت تقارير عما تواجهه من مرضى نفسيين يقطنون المناطق المجاورة للحرم المكي ويقدرون بالعشرات، وحذرت من وصولهم إلى المنطقة المركزية داخل المسجد الحرام، وأشار المصدر إلى أن الحالات -وإن لم تشكل ظاهرة- إلا أنها مكمن خطر كبير في ظل تكرر حالات مماثلة لاعتداء مرضى نفسيين على معتمرين ومصلين ونساء. وألقى المصدر الأمني باللائمة على الجهات المسؤولة عن العناية بهؤلاء المرضى، مشيرا إلى أن عددا ممن ضبطوا داخل الحرم كانت لديهم سوابق في سجلاتهم، في حين أن بعضهم خرج من المستشفى ليعاود الجلوس تحت الجسور دون أي رقيب أو حسيب. من جهة أخرى، أوضح مصدر في هيئة التحقيق والادعاء العام أن المدعي أرسل إلى مستشفى شهار لعرضه على اللجنة الطبية الجنائية للتأكد من مدى تحمله للمسؤولية الجنائية. وفي سؤال لنائب مدير مستشفى شهار للصحة النفسية في الطائف الدكتور حميد القرشي أكد أن المدعي لم يصل إلى المستشفى، وأنه سيعرض على اللجنة الطبية الجنائية حال وصوله مباشرة. قانون العقوبة : المستشار القانوني الدكتور عمر الخولي أوضح أنه «لا يوجد قانون ينص على عقوبة محددة لهذا الفعل، لكنه يكون في إطار العقوبات التعزيرية». وقال «قبل التفكير في عقابه ينبغي أن يكون له مانع من موانع العقاب كمرض نفسي أو حالات نفسية وغير ذلك من الأمور التي تجعل المبتلين بها قد يدعون أن أحدهم المهدي أو نبي مرسل أو رسول مبعوث». وأضاف «لا بد من عرض هذه الفئة على لجنة نفسية طبية للتحقق من سلامة قواهم العقلية وبعد ذلك يحالون للمحكمة حال كونهم بكامل قواهم العقلية»، مشيرا إلى أن القاضي من يقرر بحسب وضعه وسوابقه وبواعث ادعاءاته كوجود وهم وأمراض ونحوها. تحليل نفسي : أما استشاري العلاج النفسي عضو الأكاديمية الدولية للطب والتحليل النفسي في فرنسا الدكتور سامي بن أحمد الحميدة، فقال: إن تعرض الإنسان إلى ضغوط نفسية تحدث له اضطرابا في الشخصية فيتخيل تخيلات وتهيؤات وهلاوس سمعية وبصرية تجعله يقدم على تصرفات غير سوية. ولم يستبعد أن يكون اضطراب الشخصية بسبب التعاطي؛ لأنه يحدث آثارا نفسية ويسبب اضطرابا تنتج عنه شخصية غير سوية. وأضاف «مضطرب الشخصية بحاجة للعيادة النفسية لعمل فحوصات نفسية شاملة من اختبارات عضوية ونفسية ومقاييس إكلينيكية وتحليل كامل لكافة الوظائف الحيوية في الجسم»، مشيرا إلى أن مثل هذه الحالات يجب أن تخضع للفحص الطبي النفسي الدقيق وعمل الإجراءات التشخيصية الدقيقة للوقوف على هذه الشخصية، وهل هي مرضية ومعرفة المرض والعلاج والأسباب، وهل هي عضوية أم عصابية. وأوضح أن اضطراب الشخصية عادة ما يجب أن يكون علاجه بمراحل عدة بأن يخضع للفحص الطبي النفسي الدقيق وتجرى له اختبارات نفسية ومقاييس إكلينيكية واختبارات عضوية للوقوف على طبيعة الحالة ورسم البروفايل النفسي عن ديناميات هذه الشخصية حيث يمكن وضع الخطة العلاجية اللازمة للحالة. وزاد «في مثل هذه الحالات التي تعاني من اضطراب في الشخصية، فإن المصاب يكون غير سويٍ، وبالتالي يقدم على تصرفات غير متزنة تخرج عن المبادئ والقيم الأخلاقية الرفيعة». الشؤون الاجتماعية: من جانبه، برأ مدير عام فرع وزارة الشؤون الاجتماعية في منطقة مكةالمكرمة عبدالله آل طاوي مسؤولية الوزارة عن وجود المرضى النفسيين أسفل الجسور وجوار الحرم المكي الشريف، مشيرا إلى أن مهمة الوزارة تنحصر في قيد هؤلاء في الضمان الاجتماعي، كما أن هؤلاء بحاجة إلى رعاية صحية لا اجتماعية، وأن الرعاية الصحية تقدمها أقسام الإخاء في وزارة الصحة. بين اللوم والقتل : من جانبه، أوضح مساعد رئيس محاكم مكةالمكرمة الشيخ صالح الطوالة أن عقوبة هؤلاء إذا كانوا أسوياء تعزيرية يقدرها القاضي بقدرها وحسب ما تستدعيه، فتبدأ باللوم وتنتهي بالقتل عند أقصى حد؛ فهي تلبيس على الناس وتدليس على الشرع، وإن كانوا مرضى نفسيين يخلى سبيلهم لأن القلم مرفوع عنهم. وقال إن مدعي المهدي إما أن يكونوا مرضى نفسيين أو يريدون التوصل إلى مآرب أخرى، والغالب أنهم مرضى نفسيون.