شيعت الكويت اليوم الشيخ باسل السالم الصباح وسط أجواء من الحرج كون مقتل الشيخ باسل على يد خاله العسكري هو اول حادث على هذا المستوى داخل حلقات الأسرة، وداخل أهم أجنحتها، إضافة الى حجم التشبيك العائلي لصلة القربى بين الجاني والمجني عليه. شهد مطار الكويت الدولي الجمعة هبوط أكثر من رحلة طيران خاصة جاء على متنها أفراد كبار من الأسرة الكويتية الحاكمة، بعد أن بلغهم نبأ مقتل الشيخ باسل السالم الصباح على يد خاله الشيخ فيصل العبدالله الجابر الصباح، وهو الحادث المأسوي الذي هز العاصمة الكويتية ليلة الخميس، إذ حضرت الى العاصمة الكويتية والدة القتيل وشقيقته على وجه السرعة، كما انه وعلى متن طائرة أرسلها أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح الى العاصمة البريطانية عادت الشيخة بدرية عبدالله الصباح (إبنة عمة الشيخ الراحل عبدالله الجابر الصباح)، للمشاركة في مراسم عزاء ودفن نجلها الشيخ الراحل باسل. كما وصل الى الكويت أيضا عدد من كبار الشيوخ الذين كانوا يقضون إجازة الصيف في الخارج، وتحديدا في العديد من العواصم الأوروبية، حيث عاد مسرعا الشيخ أحمد صباح السالم الصباح عم القتيل، ووالد عائشة زوجة القاتل الشيخ فيصل. وجرى دفن الشيخ باسل بعد صلاة الظهر اليوم السبت في مقبرة الأسرة الحاكمة في مدينة الصليبخات غرب العاصمة الكويتية، وسط حضور رسمي وشعبي كبير جدا، إضطرت قوات الشرطة إلى الإستنفار للسيطرة على الوضع المروري في محيط المقبرة. وخلال مراسم التشييع والدفن بدا التأثر بالغا على وجوه أفراد الأسرة الحاكمة الذين فجعهم وقوع هذا الحادث، متسببا للكويت بحرج سياسي بالغ، إذ تعد هذه الجريمة داخل الأسرة، وعلى هذا المستوى الأول من نوعه، فقد ارتكب أفراد من الأسرة الحاكمة خلال السنوات الماضية العديد من الحوادث مثل إطلاق النار في خصومات، أو تهريب مخدرات، أو التسبب بمشاكل في الخارج، إلا أن فردا من الأسرة الحاكمة لم يقتل قريبا له، علما أن هذا الحادث وقع بعد ساعات من وصول السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان في زيارة رسمية الى الكويت تستغرق عدة أيام، إذ أحيط أمير الكويت علما بالحادث في وقت كان أنهى فيه مأدبة عشاء أقامها في دارته الخاصة تكريما لسلطان عمان. وفي اليوم التالي وهو يوم عطلة رسمية في الكويت إستقبل الأمير الكويتي قيادات كويتية رفيعة وطلب منهم إعمال سلطة القانون على الجميع، والسير في هذه القضية وفقا للقوانين المعمول بها، موجها تعليماته بعدم تمييز التحقيقات الأمنية مع القاتل كونه أحد أفراد أسرة الصباح، في وقت تأكد فيه أنه رغم الشائعات الكثيرة التي انطلقت في العاصمة الكويتية، إلا أن الثابت أن الحادث ليس له أي دوافع سياسية على الإطلاق، وأن الأمر برمته لم يكن أكثر من تعرض الشراكة التجارية بين القاتل والقتيل لخسارة مالية من النوع الثقيل. فما كان من القتيل وهو إبن أخت القاتل إلا أن قام بكف يد الخال القاتل أولا عن الشركة المالية، ثم قام بإعادة تشكيل ناد رياضي يرأسه تحت اسم (نادي سباقات الربع ميل للألعاب الرياضية) حيث خلت التشكيلة الجديدة من اسم القاتل، علما أنه كان نائبه الأول في التشكيل السابق، وهو الأمر الذي قد يكون ظن معه القاتل أن الخلاف مع إبن شقيقته قد بلغ مرحلة كسر العظم والإنتقام والإهانة، فدفعه توتره الى الطلب من الشيخ باسل دقائق من الوقت للحديث بشكل مستقل عن رواد ديوان الشيخ باسل الذي كان قد وجه دعوة الى العشاء لأصدقاء وأقارب ومن بينهم القاتل. وجاء في التقرير الأمني المبدئي الذي رفعته الإدارة العامة للمباحث الجنائية الى القيادات الأمنية المختصة أن القاتل الذي خرج عن وعيه، وأصيب بنوبات هستيرية بعد نقل المحققين إليه خبر وفاة إبن شقيقته، لا يزال يرفض التعاطي مع التحقيقات، ويصمت طويلا عن الكلام، وأن جميع المعلومات المتوفرة حتى الآن هي معطيات وشهادات قدمها من كانوا في ديوان الشيخ باسل لحظة وقوع الجريمة، إذ لا يزال الشيخ القاتل رهن التحقيق في مبنى الإدارة العامة للتحقيقات الجنائية، إذ يرأس الشيخ مازن الجراح الصباح المدير العام للإدارة التحقيقات مع الشيخ القاتل، الذي رفع مؤخرا الى رتبة نقيب في وحدة الإستخبارات العسكرية التابعة للجيش الكويتي، وقد عمل سابقا في وحدة حماية الشخصيات في الجيش. وذكر إن مرد الحرج البالغ أيضا هو صلة القرابة المتعددة التي تجمع القتيل مع القاتل، فهما أولا من أسرة الصباح الحاكمة، إضافة الى أن القاتل هو خال القتيل، فيما زوجة القاتل هي عائشة أحمد السالم الصباح، وهي إبنة عم القتيل، والشيخ باسل هو إبن أخ وزير الخارجية الشيخ الدكتور محمد صباح السالم الصباح، وإبن عم الشيخ ثامر علي السالم الصباح نائب رئيس جهاز الأمن الوطني، الذي يرأسه الشيخ محمد الخالد الصباح، علما أن الشيخ القتيل هو حفيد أمير دولة الكويت الراحل الشيخ صباح السالم الصباح الذي حكم الكويت بين عامي (1965-1977) وباستثناء صحيفة (الراي) التي توسعت في خبر تغطية الجريمة، وذكر تفاصيل ومعلومات حول الحادث، فإن غالبية الصحف الكويتية التي تصدر اليوم السبت قد تناولت الحادث بشكل مجرد، وبالإستناد الى معطيات بيان الديوان الأميري الذي لم يتضمن أي معلومات حول الجريمة، إذ تعطلت أكثر من صحيفة كويتية عن الصدور يوم السبت، ولم تتمكن جميع الصحف الكويتية من اللحاق بتغطية الخبر في عدد يوم الجمعة، على اعتبار أن الحادث وقع فجر يوم الجمعة، ولم تتأكد الوفاة إلا مع ساعات الفجر الأولى، إذ إن غالبية الصحف الكويتية تطبع باكرا. وللشيخ باسل أربعة أبناء أكبرهم سالم تيمنا بوالده الراحل الشيخ سالم الصباح الذي رحل العام 2007 بعد حياة سياسية تقلد خلالها مناصب السفير الكويتي في أميركا وفرنسا، قبل أن يشغل حقائب الشؤون الإجتماعية والعمل، والداخلية، والدفاع، والخارجية، وفي العام 2001 طلب من أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح إعفاءه من أي مناصب سياسية بسبب تدهور أحواله الصحية، حيث قضى أيامه الأخيرة مقعدا على كرسي متحرك، ممسكا بلجنة وطنية أميرية عنيت حتى العام 2003 بشؤون الأسرى والمرتهنين الكويتيين لدى العراق وعائلاتهم. وبعد أن اعتزل الشيخ الراحل سالم العمل السياسي، عاد ليظهر مجددا في كانون الثاني- يناير 2006 خلال ما عرف وقتذاك بأزمة الحكم بعد وفاة الأمير الراحل الشيخ جابر، حيث أصر على مبايعة الشيخ صباح الأمير الحالي حاكما دستوريا، إذ دخل الى قصر الأمير الحالي الذي كان وقتذاك رئيسا للوزراء على كرسيه المتحرك، رافضا أي محاولات في الداخل الكويتي لاختيار أمير غير الشيخ صباح، رغم إعلان إبن عمه وقتذاك أميرا، إلا أن الشيخ سالم أسر للأمير صباح بأن صحة الشيخ سعد الذي نال لاحقا لقب الأمير الوالد، وأقصي دستوريا عن مسند الإمارة، لا يقوى على الحكم، وأن أطرافا عدة تريد أن تسيء وتحت دافع المصلحة الى تاريخ وسيرة الشيخ سعد، موكلا أمانة حفظ صورة الشيخ سعد الى الأمير صباح. وخلال لحظات استقبال الشيخ صباح وقتذاك للشيخ سالم من على كرسيه المتحرك ظهر الأمير صباح متأثرا بشدة، وقد إمتلأت عيناه بدموع التأثر، إذ رحل الشيخ سالم في العام التالي لهذه الأزمة، حيث كان الشيخ صباح وكبار أقطاب أسرة الحكم على رأس مشيعيه في مقبرة الأسرة الحاكمة. يشار الى أن القتيل الشيخ باسل قد تزوج مرتين، حيث اقترن بزواجه الأول من الشيخة أمار إبنة أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح، فيما إنفصل عنها لاحقا وتزوج من الشيخة إنتصار إبنة الشيخ سالم العلي الصباح رئيس جهاز الحرس الوطني الكويتي، الذي يعتبر الآن وقفا لقاعدة السن عميد أسرة آل الصباح. يشار أيضا الى أن مسند الإمارة متاح بصفة حصرية لنسل وذرية مبارك الكبير، فيما لا يحق لمن هم ليسوا من هذه الذرية من أبناء الأسرة الحاكمة الآخرين، بلوغ موقعي الإمارة وولاية العهد، إذ إن باقي فروع أسرة الصباح قد تقلدوا مناصب مهمة جدا خلال العقود الأخيرة، ولهم بصمات مؤثرة في العمل السياسي الكويتي، إلا أن الدستور الكويتي يحظر عليهم موقعي الإمارة وولاية العهد.