الأمراض المنقولة جنسياً قد لا تشكل ظاهرة خطيرة في مجتمعنا كما هي في البلدان الغربية وذلك بفضل العادات والتقاليد ونمط الحياة الاجتماعية والتمسك بالشرعية الإسلامية التي تحرم الزنا والعلاقات الجنسية خارج إطار الزواج, ولكن هذه الامراض التناسلية موجودة بنسب متفاوتة وتستحق ان تؤخذ بالحسبان في جميع الخطط الصحية على مستوى المجتمع ويجب أن تأخذ بالحسبان لدى الأطباء عندما يراجعهم المرضى او المريضات. يعتقد ان أكثر من 300 مليون إصابة جديدة تحدث كل عام بعدوى الأمراض المنقولة بالجنس في جميع أنحاء العالم. ان العدوى بالامراض المنقولة جنسياً كثيرة, ونذكر منها عدوى السيلان والكلاميديا والزهري والتريكوموناس والهربس التناسلي والتهاب الكبد البائي وثاليل الجهاز التناسلي والايدز وقمل العانة والجرب. والمسببات في هذه الأمراض مجموعة من الطفيليات والفيروسات والجراثيم. وجميع الامراض التي تحدث بالعدوى الجنسية تصيب الذكور والإناث على حد سواء ولكن نسب إصابة الإناث أكثر لانهن الطرف الذي يستوعب السائل المنوي ولان أعضاءهن التناسلية الظاهرة والباطنة اسهل اختراقاً من قبل العوامل الممرضة بسبب طبيعتها التشريحية وبسبب وجود طبقة مخاطية واسعة هشة وسهلة التخريش. ان معظم الامراض المنقولة جنسياً يمكن شفاؤها اذا تم تشخيصها مبكراً وعولجت معالجة سليمة كاملة ولكن إن لم يتم التشخيص مبكرا وحدث اهمال في العلاج فان بعضها يؤدي الى مضاعفات مزمنة عند الرجال والنساء مؤدية الى العقم عند كليهما او سرطان عنق الرحم او آفة قلبية او عقلية او الوفاة. ربما لا تحدث الإصابة بالامراض المنقولة جنسياً أعراضا واضحة للعيان وقد يتجاهلها كثير من الناس كما في السيلان وغيره من الأمراض عند كثير من النساء. وتكمن خطورة هذه الأمراض في ان اعراضها لا تكون واضحة تجبر المريضة او المريض على مراجعة الطبيب والسبب الأهم من ذلك الخوف والخجل من هذه الأمراض. ولذلك فمن الضروري مراجعة الطبيب عند حدوث أدنى شك في ذلك. تختلف فترة الحضانة من مرض لآخر إلا ان المرض ينتقل خلال هذه الفترة بين البشر ولو كان المصابون والمصابات يبدون سليمين معافين. وتمتد فترة الحضانة من بضعة ايام كما في السيلان الى عشر سنوات كما في العدوى بفيروس الايدز. تحصل العدوى عن طريق الاتصال الجنسي بشخص مصاب او امرأة مصابة, في معظم هذه الأمراض ولو كانوا من غير أعراض مرضية ظاهرة وكذلك قد تنتقل العدوى عبر الدم كما في الايدز والزهري والتهاب الكبد الوبائي بأنواعه الخطيرة ومن رحمة الله تعالى ان التعايش اليومي العادي مع مريض الايدز لا ينقل العدوى وفيروس الايدز لا ينتقل عن طريق الذباب او البعوض او انواع الحشرات الاخرى ولا ينتقل بالسعال او العطاس او الملامسة وكذلك لا ينتقل بالمشاركة باستخدام حمام السباحة او المناشف او دورة المياه. يعد التدبير السليم للامراض المنقولة جنسياً اهم عناصر المكافحة الوقائية من هذه الأمراض إذ انه يمنع حدوث المضاعفات المرضية, وللوصول الى المعالجة السليمة يجب اتباع ما يلي: التشخيص الجيد السليم, تقديم المعالجة الجيدة, الإرشاد والتوعية مما يؤديان إلى خفض الإصابة ومن انتشار العدوى كما يجب استخدام الوسائل الوقائية الخاصة ببعض المرضى. ومن المهم جداً معالجة الشريك اما الزوج او الزوجة. والمتابعة السريرية المكثفة مهمة جداً لاستقصاء اي تحولات مرضية قد تؤدي بدورها لحدوث المضاعفات الشديدة. وينبغي لنا للوصول الى التشخيص المرضي السليم معرفة طبيعة الجرثوم المسبب وذلك من خلال الفحص المخبري, غير ان الطبيب المعالج يستطيع تشخيص الحالات المرضية من خلال الأعراض السريرية حيث ان غالبية المرضى المصابين بعدوى الأمراض المنقولة بالجنس تظهر عليهم بعض الأعراض والعلامات التالية: الإفراز الاحليلي وهو مجرى البول وخاصة عند الرجال المصابين بالسيلان البني او الكلاميديا. الافراز المهبلي الذي قد لا يكون واضحاً ويلتبس بالافرازات المهبلية التي تفرزها المرأة بصفة عادية, الحرقة والألم عند التبول وخاصة عند الرجال, الآلام البطنية او الإربية المترافقة بارتفاع الحرارة البسيط او الشديد, آلام الجماع وخاصة عند النساء, ظهور الطفح والتقرحات على الجهاز التناسلي, ألم المفاصل في بعض الحالات التي يصيب فيها الجرثوم المفاصل, آلام وتورم بالصفن اي الجلد المحيط بالخصيتين, الحكة التناسلية وخاصة عند النساء. التهاب الملتحمة الخطير في العينين عند المولودين حديثاً وتحصل العدوى بسبب آلام المصابة. ولمعالجة المصابين بعدوى الأمراض التناسلية والجنسية يجب استعمال المضادات الحيوية الملائمة لكل مرض ولكن للاسف يلاحظ في الوقت الحالي ان العديد من العوامل الممرضة اصبحت تقاوم المضادات الحيوية وذلك رغم استعمال الادوية القوية والغالية والحديثة. وقد يحتاج بعض المرضى للمسكنات القوية لمكافحة بعض الآلام التي ربما تكون شديدة مثل الحرقة البولية عند مرضى السيلان. وقد تحتاج بعض المعالجات الى المكوث في المستشفى ويجب في جميع الحالات معالجة الشريك الجنسي المصاب سواء كان الزوج او الزوجة حتى لو كان لا يوجد اي أعراض او علامات مرضية ظاهرة. ان للبرامج التثقفية والإرشادية الأثر البالغ في مكافحة عدوى الأمراض الجنسية وهي فرصة ملائمة لإرشاد الجميع وخصوصاً الشباب في سن المراهقة وتوعيتهم بطرق العدوى بهذه الأمراض وغيرها ويجب أن تؤكد البرامج على تجنب الممارسات الجنسية غير المشروعة والمحرمة وتسليح الشباب والشابات بالأخلاق الفاضلة واتباع السلوك القويم. كما يجب التأكيد على العلاج الكامل في حال الإصابة والمتابعة الدقيقة حتى بعد الشفاء من المرض. معرفة طرق انتقال العدوى ومضاعفاتها كما يجب التنبه إلى استخدام الوسائل الوقائية المتاحة وشرح كيفية استخدامها بالشكل السليم كما يجب على الشخص المصاب الابتعاد عن ممارسة الجنس حتى يتم شفاؤه تماماً وذلك تجنباً لنقل العدوى للزوجة مما يضاعف المشكلة وتؤدي الى عواقب وخيمة. من البديهي في مجتمعنا المحافظ وفي إطار طباعنا وعاداتنا ان يشعر المريض او المريضة بالخوف والقلق والخجل إذا علم الناس بمرضهما لذا فانه من الأفضل تقديم الرعاية الصحية والإرشاد لهم بالأسلوب الذي يضمن لهم الاطمئنان والثقة ويساعدهما على التغلب على الحرج والخجل. ويجب ان يؤكد الطبيب المعالج أن احداً لن يعرف البتة بما أصابهما ولا شك ان الحفاظ على خصوصية المرضى والمريضات والمحافظة على أسرارهم من واجب الأطباء والطبيبات والقابلات والممرضات والصيادلة وجميع العاملين في المهن الطبية المساعدة. وهذه النقطة هامة جداً ويجب ان تراعى في مجتمعنا حيث ينفر المريض او المريضة خجلاً من مراجعة الطبيب ويضطران للجوء الى الصيدليات وأحيانا إلى الزملاء المصابين مما يعقد علاج هذه المشكلة. ان النجاح في استقطاب مرضى الأمراض المنقولة جنسياً يعتمد على كياسة الطبيب المعالج وقدرته على الاستحواذ على ثقة هؤلاء المرضى وزرع الطمأنينة في نفوسهم. الايدز الهربس قد تسبب العقم