في لبنان ترقب، وحذر، وتوجس، وخوف.. المشكلات تتناسل، تماماً كما تتناسل الغيوم السوداء التي تنذر بالعواصف، والرعود، والمناخات السياسية والأمنية تتوتر، وتحتقن بحيث لا يمكن الاطمئنان إلى احتمالات متفائلة للعبور من أنفاق مظلمة، ونوايا غير مريحة. المشهد السياسي والأمني مثير للقلق إلى درجة الفزع. الذاكرة تستعيد الفوضى خلال الستينيات من القرن الماضي، وبداية السبعينيات حيث فرضت الحركات الفلسطينية دولة داخل الدولة اللبنانية، وأقامت الحواجز، وبرزت الفصائل المسلحة في الحياة اليومية اللبنانية. وأدى ذلك إلى حرب السنتين. وتولد منها حروب استمرت أكثر من خمسة عشرعاماً.. وكانت مقولة «الطريق إلى فلسطين يمر من جونيه..!!». عادت في بيروت التصريحات المستفزة والتصعيدية من جانب بعض الفصائل الفلسطينية للسلطة اللبنانية، ووصلت إلى حد التهديد الأمني لرئيس الحكومة فؤاد السنيورة. عاد عرض العضلات، والتخويف عبر السماح لمحطات تليفزيونية بدعوة من الجبهة الشعبية - القيادة العامة لتصوير المواقع العسكرية، في الناعمة، واظهار الألغام المزروعة المضادة للآليات، مع عناصر مسلحة مستنفرة تماماً، وفي حالة من التأهب والاستعداد للمواجهات. متزامنة مع تصريحات ولقاءات مثل «ان القرار السياسي اللبناني لا يطمئن، والغيوم السوداء تنذر بمطر أسود..!!؟». في هذا الجو الأمني الضاغط والملتبس، يتحدث المراقبون والصحافيون عن كثافة إدخال وتهريب الاسلحة إلى بعض الفصائل الفلسطينية في لبنان. ويوم أمس تحدثت المصادر بأن الجيش اللبناني أوقف سيارة عسكرية فلسطينية وبداخلها مسلحان بالقرب من الوادي الأسود بين ينطا، وعيتا الفخار، كما دهم الجيش اللبناني مقراً سابقاً لتنظيم «الصاعقة» وصادر ذخائر حربية..!!؟. ماذا يحدث..؟؟ إلى اين يتجه السلاح الفلسطيني في تحركه..!؟ وهل قدر لبنان أن يكون ساحة مفتوحة لصراع الفصائل الفلسطينية، وخلافات توجهاتها، وقناعاتها، وتصفية حساباتها حسب ارتباطاتها الإقليمية، وإيماناتها الايديولوجية..؟؟ وثم.. وكثير من.. ثم.. أليست القضية العربية تستدعي توحداً كاملاً، وتقارباً في الرؤية، والمفهوم، والهدف، والعمل، والغايات بين كل المجموعات الفلسطينية، بحيث يكون سلاحها معروف التوجه، والغاية..؟؟ ثم - أيضاً - لماذا هذا المؤشر المخيف الذي برز حين الاجتماع برئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة يوم أمس. بحيث ظهر الانقسام في عدم توحد الوفد الفلسطيني ليشكل وفداً واحداً، فذهب وفد المنظمة الذي يضم كلاً من حركة فتح، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين، جبهة التحرير العربية، جبهة النضال كونها مستقة، بينما ذهب وفد آخر يضم الجبهة الشعبية - القيادة العامة، منظمة الصاعقة، حماس، حركة الجهاد الإسلامي. والسؤال: لقد دفع لبنان أثماناً باهظة جداً كالتزام قومي عروبي بالقضية العربية، وعاش حرباً قاسية على مدى ثمانية عشر عاماً، فهل سيظل يدفع الأثمان، وإلى متى..؟؟