كلما تم تعيين أمين جديد لإحدى أمانات المحافظات الكبيرة.. وكلما جاء رئيس بلدية لإحدى بلديات محافظات بلادنا الصغيرة.. وكلما اختير احدهم ليكون رئيساً لأحد المجمعات القروية في بلادنا.. أو عُين مسؤول جديد لإحدى الإدارات أو المصالح الخاصة بالخدمات في مدننا فإن أول ما يواجه ذلك الأمين أو رئيس البلدية أو المجمع القروي أو المسؤول عن هذه الإدارة أو تلك هو البحث عن اعتمادات مالية لمشاريع تم من قبل اعتماد الكثير من الأموال لتنفيذها.. ونفذت بالفعل.. ولكن مدة صلاحيتها وخدماتها لم تتجاوز فترة إدارة الأمين أو المسؤول السابق.. وبمجرد أن غادر موقعه ذابت وتساقطت أوراق المشاريع التي نفذت في عهده.. وأصبحت في خبر كان. فكيف يمكن أن نجد حلاً لهذه المشكلة المزمنة التي تستنزف سنوياً من الميزانية العامة مئات الملايين على مشاريع هشة يتم تنفيذها من قبل شركات لا تملك الخبرة الكافية ودون متابعة أو اهتمام من الجهات التي تنفذها، وبهذا تضيع كل الأموال التي صرفت في تلك المشاريع، ونجد أنفسنا ندور في حلقة مفرغة لا تنتهي أمثلة حية من جدة ٭ وجدت شواهد هذه المشكلة.. وما يؤكدها ماثلاً أمامي في الكثير من المشاريع التي تنفذها الأمانة، فالكثير من المشاريع التي نفذت في عهد الأمين السابق هرمت وأصابها العجز.. وتساقطت بمجرد أن ذهب ذلك الأمين.. وجاء الأمين الجديد رغم أن تلك المشاريع نفذت بملايين الريالات من ميزانية الدولة.. ولكنها لم تستطع الصمود والبقاء. العديد من أعمال التجميل والصيانة التي قامت بها ونفذتها أمانة جدة قبل سنة أو أكثر قليلاً، فالكثير من أرصفة الشوارع التي أعادت الأمانة تجديدها في هذه الفترة تساقطت وانخلعت من مواقعها.. وتفتتت وكأنها لم تكن موجودة.. وحتى أعمال الترصيف التي ما زال العمل جاريا بها تساقط بلاطها.. وتهدمت أجزاء كبيرة منها رغم أنه لم يتم الانتهاء من العمل فيها ولم يتم تسليمها للأمانة بعد.. وهذا يؤكد أن العمل في هذه المشاريع يتم بطرق غير فنية وغير سليمة وانها لن تلبث أن تتساقط.. وتزول وتصبح هناك حاجة ماسة لاعتماد ميزانيات جديدة لها لإعادتها مرة أخرى رغم أن تنفيذها في المرة السابقة قد كلف ملايين الريالات.. ولكن تلك الملايين ضاعت هباءً. الكثير من المشاريع الخدمية التي تنفذها بعض الإدارات مع الأسف نجد أنفسنا بعد سنة أو سنتين على الأكثر مضطرين لإعادة تنفيذها مرة أخرى بمبالغ أكبر، وهذا يرجع لأن الشركات التي نفذتها من قبل لم تنفذها بطرق فنية سليمة ولم تجد تلك الشركات أي متابعة من مسؤولي الإدارات التي تنفذ المشاريع لها لمراحل العمل في تلك المشاريع.. فأصبحت الشركات تعمل ما تريد وتستخدم أردأ المواد.. وأقلها قدرة على البقاء.. ومن ثمَّ تقبض فلوسها وتذهب وتترك لنا المعاناة مما أفسدته. أجزاء كبيرة من شبكات المياه في جدة تحتاج إلى تغيير وإعادة إصلاح والسبب لأننا لم نتابع الشركات المنفذة للشبكات السابقة ولم نتأكد من مكانة الأنابيب التي تستخدمها في إنشاء الشبكة.. ومدى قدرتها على مقاومة ملوحة الأرض.. وحرارتها!! العديد من شركات الحفر في جدة عندما تعيد سفلتة الطريق بعد حفره تقوم بذلك بطرق بعيدة عن أبسط الشروط الفنية لأن هدفها فقط هو سد تلك الحفرة التي حفرتها.. ولا تمر أيام حتى نجد تلك الحفر قد حولت الكثير من شوارعنا إلى أخاديد عميقة تشوه تلك الشوارع.. وتساهم في الإضرار بالناس وتجد الأمانات نفسها مضطرة إلى البحث عن اعتمادات مالية جديدة لصيانة تلك الشوارع وإعادة سفلتتها.. لتعود تلك الشركات لإفساد ما أصلحناه.. وتبقى المشكلة قائمة وكأن هناك مصلحة غير معلنة من وراء هذا التمزيق لشوارعنا يحرص البعض على أن لا يتوقف. 32 ألف عمود كهربائي تالف في عام!! ٭ في السنة الماضية أكد المسؤولون في أمانة جدة أن في جدة أكثر من اثنين وثلاثين ألف عمود تالف من أعمدة الإنارة في شوارع جدة.. وأنه تم إصلاح أكثر من اثني عشر ألف عمود منها.. وتم استبدالها بأعمدة جديدة.. وبالطبع هذ العمل كلف مبالغ كبيرة.. ورغم هذا نجد اليوم الكثير من أعمدة الإنارة في شوارع جدة.. وأحيائها عاطلة عن العمل.. وآيلة للسقوط ومكسرة.. ورغم هذا لا تحرك إدارات الصيانة في الأمانة ساكناً.. ولا تحاول أن تتابع حالة تلك الأعمدة.. وصيانتها أولاً بأول.. وإنما تنتظر حتى تتلف جميع تلك الأعمدة.. وتصبح الحاجة إلى اعتمادات مالية كبيرة.. رغم أن ذلك كان يمكن تجنبه بشيء من المتابعة والصيانة أولاً بأول والضغط على الشركات التي نفذت تلك المشاريع بأن تصلح ما أفسدته. وفي قلب جدة التاريخي لم يبق من الفوانيس الكهربائية التي وضعتها الأمانة في شوارع وأزقة أحياء المدينة القديمة شيء.. لأن الصيانة لم تكن حاضرة أو مهتمة بحماية تلك الفوانيس الكهربائية الجميلة أو الحفاظ عليها.. وتركت يد العبث من الصبية والعمالة الوافدة تجهز عليها، وعلى الكثير من معالم تلك المنطقة!! شبكات سقي الحدائق أنابيب متناثرة ومعطلة ٭ المهندس محمد علي يوسف مدير الحدائق والتشجير السابق بأمانة جدة قال قبل أن يترك تلك الإدارة أن الأمانة نفذت مشروعاً لإنشاء شبكة سقي آلية للحدائق والمزروعات في مختلف أحياء وشوارع جدة.. وأن هذا المشروع سيكلف ملايين الريالات.. وذهب المهندس يوسف منذ شهور.. وعندما ذهبت في جولة هذا الأسبوع لأرى هذه الشبكات ودورها في سقي الأشجار التي تزرعها الأمانة في الشوارع والحدائٍق وجدت الكثير من هذه الشبكة مجرد آليات بلاستيكية وأنابيب متناثرة.. ومعطلة.. ولا فائدة منها رغم تكلفتها الكبيرة.. وأصبح الأمر يحتاج إلى اعتماد ملايين أخرى لإنشاء نفس الشبكات من جديد.. ويرجع سبب ذلك إلى عدم متابعة التنفيذ لتلك المشاريع وعدم حرص المسؤولين على أن تكون لها صفة الديمومة والاستمرارية.. والبقاء على الأقل ولو لفترة تتناسب مع المبالغ الكبيرة التي اعتمدت لتنفيذها. وما يقال عن شبكات سقي الحدائق يقال عن الكثير من المشاريع التي تنفذ لتجميل المدينة.. فالمؤسف أن الكثير من الشوارع التي تزرع في فترة من الفترات لا تلبث أشجارها أن تذبل وتجف.. ويصبح لزاماً على الأمين الجديد أن يعيد زراعتها مرة أخرى.. نجد ذلك واضحاً في الكثير من شوارع جدة وحدائقها التي أصبحت اليوم في أسوأ حال. كما أن من الملاحظات التي يمكن أن نسوقها في هذا المجال أملاً أن تنتهي دوامتها. اليوم نجد اننا محتاجون إلى إعادة إنشائه مرة أخرى غداً.. إن كل مدير لقسم التشجير والحدائق إذا جاء فإن أول ما يفكر فيه هو قطع الأشجار التي زرعها من جاء قبله.. لأنها في نظره غير مناسبة تحت مسمى إعادة صياغة التشجير في جدة.. وكم كنت أتمنى أن يحافظ كل مسؤول على ما تم إنجازه.. ويضيف إنجازات جديدة تساهم في استكمال الصورة الجميلة لمدننا.. ويرتقي بالخدمات فيها بدل الاجتهادات التي تهدم أكثر مما تبني.. وتفسد أكثر مما تصلح.. وتعيد دائرة العمل إلى النقطة الأولى التي بدأت منها بدل أن تتحرك وتتقدم إلى الأمام. مطلوب لجنة فنية من الوزارات المعنية لمتابعة تنفيذ المشاريع الخدمية ٭ المهندس علي أمين يوكد على ضرورة وجود متابعة دقيقة لتنفيذ جميع المشاريع التي يتم اعتمادها من قبل الأمانات أو غيرها من الإدارات.. حتى يأتي التنفيذ بالمستوى المطلوب.. ونحاسب تلك الشركات على عملها بصورة دقيقة. ويضيف من غير المعقول أن تنفذ أحد المشاريع.. ونأخذ حسابها ثم نجد بعد فترة قصيرة الكثير من العيوب في ذلك المشروع ولا نحاسب الشركة على تلك العيوب.. ونجبرها على إصلاحها.. لا شك أن هناك فترة لإصلاح مثل هذه الأخطاء.. ولكن المؤسف أنه في الكثير من الأحيان لا نجد الحزم المطلوب في تنفيذ مثل هذه الالتزامات. وأكد المهندس جمال برهان أن الكثير من المشاريع البلدية التي تنفذ في بعض مدننا تنفذ دون متابعة.. ومن قبل عمالة غير مؤهلين.. ولهذا تحدث فيها الكثير من الأخطاء التي تؤثر على صلاحية تلك المشاريع وعمرها.. وبالتالي حتى تخرج من دائرة هذه الحلقة التي تجد فيها الدولة في كل فترة مضطرة لتوفير اعتمادات مالية جديدة لمشاريع سبق تنفيذها أن يتم اختبار لجنة من ذوي الخبرة والتخصص في كل محافظة تتكون من الإدارات المعنية وممثل من وزارة المالية لمتابعة تنفيذ جميع المشاريع بشكل مستمر.. والتأكد من سلامة التنفيذ، وسلامة وجودة المواد المستخدمة في التنفيذ، وأن تكون من أفضل المواد جودة.. حتى نضمن لمشاريعنا الاستمرارية والبقاء، وحتى لا تضطر للدوران في حلقة مفرغة لا تنتهي.. وتضطر للبحث عن اعتمادات مالية جديدة لمشاريع نفذناها منذ سنتين أو أكثر قليلاً لأنها لم تستطع الصمود والبقاء. مشاريع لا تنتهي ٭ في الكثير من مدننا نجد الكثير من المشاريع الخاصة بالبنية التحتية، والتجميل مفتوحة لا تكاد تنتهي.. ففي كل مرة نعتقد أن هذه المشاريع خلصت.. وانتهت.. نجدها تعود مرة أخرى.. وكأنما لم يسبق أن تم تنفيذها من قبل. من أوضح الأمثلة على ذلك على مستوى محافظة جدة الكورنيش الشمالي الذي يمتد من سوق السمك جنوباً.. وحتى مسجد السيدة فاطمة.. فهذا الكورنيش كلما جاء أمين جديد للمدينة قام بهدم كل ما فعله من سبقه.. واقترح مشاريع جديدة للكورنيش يرى أنها الأصلح.. فأحواض الزراعة إذا كانت مربعة رأى أن من الأفضل أن تكون دائرية.. وإذا كان بلاط الأرصفة مستطيلا رأى أن يكون مربعاً.. وإذا كانت المظلات الموجودة في الكورنيش مصنوعة من الفيبرجلاس رأى أن من الأفضل أن تكون من الخشب.. وهكذا دواليك رغم أن كل ما يحتاجه الأمر قليل من الصيانة.. والإصلاحات البسيطة التي لا تحتاج أن تغلب جزءاً من الكورنيش رأساً على عقب.. ونعتمد له مشروعاً بمئات الملايين.. وذهب ذلك الأمين وبقي الكورنيش على حاله أكوام من الحجارة هنا وهناك.. وأحواض خالية من الزراعة والاهتمام.. رغم أن أموال هذا المشروع كان يمكن توجيهها إلى مكان آخر في جدة هو أكثر حاجة للإصلاح والتحسين. الصيانة ما زالنا خارج التغطية ٭ رغم الاعتمادات المالية الكبيرة التي يحتاجها تنفيذ المشاريع الخاصة بالبنية التحتية في بلادنا والتجميل.. إلا أن هذه المشاريع مع الأسف بمجرد الانتهاء منها لا تجد الاهتمام والصيانة المطلوبة.. وهذا ما يجعل من تلفها وخرابها، وضياع الملايين التي صرفت فيها دون فائدة.. وهذا ما يؤكده المهندس كمال نور ويطالب بضرورة الاهتمام به لحماية منجزاتنا من هذا العبث والإهمال.. فإصلاح بلاطة في رصيف أقل تكلفة وجهداً من تغيير بلاط رصيف بالكامل.. وإصلاح عمود إنارة تالف أفضل وأقل تكلفة من إصلاح أعمدة الإنارة في شارع بطوله.. وإصلاح ماسورة تالفة في شبكة المياه أقل جهداً وتكلفة من إهمال الشبكة حتى تصبح بكاملها في حاجة إلى تجديد.. وهذا لا يتحقق إلا بالصيانة الجيدة.. والمتابعة المستمرة من قبل الجهات المعنية.