قبل عام من الآن قمت بزيارة لمدينة بكين وهي مدينة عجيبة اتجهت سريعاً نحو التوسع والنمو الحضري وتمتلك شبكة كبيرة من الطرق الفسيحة، وتضم ستة طرق دائرية وشبكة نقل عام (مترو أنفاق - حافلات) مكتملة، ومع ذلك تشهد ازدحاماً وتلوثاً لايطاقان فهي مع كثرة مشاريع الطرق لاتستطيع تلبية احتياجات السكان ولك أن تتخيل أن أطول ازدحام مروري في العالم يقع في بكين بطول 60 ميلاً. حكومة بكين قامت من أجل معالجة مشاكل الازدحام والحد منها بالعديد من الإجراءات حيث توسعت في انشاء الطرق والأنفاق والجسور والتقاطعات ومع ذلك سجل ازدحام طرقات المدينة بالسيارات الجديدة ارتفاعا كبيراً، ورفعت حكومة بكين الرسوم على مواقف السيارات المكشوفة والمظللة في المناطق غير السكنية، ووضعت حدا أقصى لتراخيص السيارات الجديدة، وتعتزم حالياً فرض رسوم على الازدحام المروري، ومع تنوع تلك الإجراءات وتعددها مازالت مشكلة الازدحام في بكين بلا حلول نظراً لزيادة النمو السكاني والتوسع الحضري المبالغ فيه في مدينة بكين. صحيح أن وجه المقارنة بين مدننا الكبيرة مثل الرياضوجدة والدمام قد يبدو مختلفاً من حيث الكثافة السكانية وحجم ومساحة تلك المدن مقارنة ببكين لكن من المجدي الاستفادة من تجارب الآخرين لمعالجة مشاكلنا العمرانية خصوصاً أن هناك أوجها للشبه من حيث تكدس الخدمات والسكان في المدن الرئيسية لدينا. نعول كثيراً على مشاريع المترو القادمة والتي نأمل أن يوفق المعنيون بإنجازها في الوقت المحدد لها للقضاء على مشكلة الازدحام المؤرقة لكن يجب التنبه إلى أن مشاريع المترو لن تكون الحل السحري لحل مشاكل الازدحام ما لم يتم صياغة سياسات جديدة للتوزيع السكاني وتحفيز الجهات الخدمية لاسيما القطاع الصحي للتوسع في إنشاء المشاريع ونقل الخدمات في المدن الثانوية والمحافظات. نعم وزارة التعليم العالي أحسنت صنعاً عندما قامت بالتوسع في فتح الجامعات وأفرع الجامعات في المدن الثانوية والمحافظات وساعدت بشكل واضح في إيجاد هجرة عكسية نحو المحافظات فهي خير مثال يحتذى به. * متخصص في التخطيط العمراني