قبل سنوات كتبت مقالاً عن تفشي ظاهرة التدخين في المسلسلات العربية، بطريقة دعائية واضحة وفي مشاهد أحياناً لا تستدعي ان يظهر الممثل والممثلة وهو "يشفط" الدخان بشراهة وكأنه يقوم بعمل بطولي، وأذكر حينها أن مجموعة ال MBC أعلنت عن مبادرة تقوم بعدم عرض أي مشهد خاص بالتدخين، وكذلك الحال مع المنتج حسن عسيري الذي أعلن في عز توهجه الإنتاجي وعلاقة السمن والعسل مع MBC رفضه لأي مشهد يتضمن التدخين، وهنا مبادرات رائعة رغم الخسارة المادية إعلانياً للقناة وللممثل أو الممثلة الذين تدفع لهم شركات صناعة السجائر مقابل ترويجهم لثقافة التدخين وبطريقة إعلانية غير مباشرة ولكنها مؤثرة كثيراً..!! ولكن لم أكن أتصور أن نصل لمرحلة إعلامية غير أخلاقية، وأنا أشاهد في بعض المسلسلات العربية الجديدة التي تحاكي الأسلوب الدرامي التركي، تعدد المشاهد الخاصة بنوع شهير من المشروبات الروحية "الخمر" تظهر وبصورة اعتيادية وبمشاهد متعددة، ويتناولها بكثرة المشاركون بالمسلسل وكأنهم يشربون العصير او الشاي التي اعتدنا عليها في اعمالنا العربية، وخصوصا الجملة الشهيرة باللهجة المصرية "قهوة سكر زيادة"...!! مشاهد تناول الكحول وبشراهة وبصورة مكررة شاهدتها في عدد من المسلسلات العربية والتي تعرض بقنوات مشفرة، حتى انني اعتقدت ان الدعم الكامل والمصاريف الإنتاجية تكفلت به شركة المشروب الروحي الشهيرة، كدعاية قوية لهم وبصورة مغرية لمن يشاهدون هذه الماركة الشهيرة تظهر وبشكل مكرر وبصورة احترافية في حلقات هذه المسلسلات، في عرض لم اشاهده حتى في المسلسلات التركية التي يقلدون خطها الدرامي. كنا نشكي من ظاهرة التدخين وخطورتها، وظهرت لنا وبصورة وكأنها عادية ظاهرة تناول الخمر ومن ماركة معينة وبأسلوب يوحي للمشاهد مدى رقي من يشربون هذا المزاج، وخصوصاً من ابطال المسلسل. كنا في السابق وفي بعض الأفلام العربية نشاهد هذه الظاهرة على استحياء شديد احيانا ونرى انعكاسها السلبي في المشهد نفسه، لكن ما يحدث حالياً العكس تماماً، تعدد المشاهد والدعاية غير المباشرة بان هذا المشروب يريح الاعصاب ويبعث البهجة والسعادة..!! ظاهرة الدعاية للمشروبات الروحية وغير المباشرة في بعض المسلسلات الجديدة تعتبر ظاهرة خطيرة بالمعايير الاخلاقية للأعمال الدرامية، حتى بعض المسلسلات الخليجية لم تسلم منها، وتحتاج لرادع وإيقاف انتشارها بشكل واضح، فنحن أصبحنا امام خط درامي عربي جديد ومخيف فعلاً. كنا ننتقد المسلسلات المكسيكية والتركية، ولم نتصور أننا سنتفوق عليهم بهذا المستوى الدرامي غير المهني والأخلاقي، شاهدوا بعضا من إنتاجنا العربي الجديد وترحموا على المعايير الاخلاقية التي كانت تحمينا بصدق، انتشرت الفضائيات الخاصة وانفلتت المعايير للأسف، هل الكرة بملعب وزراء الاعلام العرب، ام اصحاب الفضائيات الذين يهتمون بجذب المشاهد مهما كانت الوسائل لعيون ملايين المعلنين، أم أن الأمر بيد الأخلاقيات الإعلامية التي بدأت تعيش مرحلة النزع الأخير!!.