الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين، أما بعد: فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شعيرة عظيمة من شعائر الإسلام، بسببه نالت هذه الأمة خيريتها، وبه تميزت عن سائر الأمم، قال تعالى (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ). فشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تلعب دوراً بالغ الأهمية في تطهير المجتمع المسلم من المعاصي والفواحش والمنكرات، والحفاظ على سلامة عقائد الناس من الانحراف، وأخلاقهم من الفساد، وبيوعهم ومعاملاتهم من الغش والخداع. وإقامة هذه الشعيرة المباركة التي جعلها الله من خصائص هذه الأمة، قد قامت بها المملكة العربية السعودية وهي مهبط الوحي ومهد الرسالة المحمدية وعُرفتْ بإقامتها من خلال إنشاء جهاز مستقل يقوم بأداء هذه المهمة الشريفة وفق آليات معينة، وضوابط محددة. ولهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تاريخ مُشرِّف، وجهود مباركة، ومواقف متميزة في صيانة المجتمع من الفواحش والمنكرات، ومن غوائل الشرور والفتن، ومحاربة المذاهب والأفكار الهدَّامة، ومحاربة السحرة والدجالين والمشعوذين الذين يلعبون بعقول الناس وأعراضهم ويستنزفون أموالهم، ومحاربة سائر المجرمين الذين يريدون نشر الفساد والفواحش والمنكرات بين الناس وإفساد أخلاقهم وعاداتهم.. وبذلك فالهيئة أحد أركان ودعائم الثبات والاستقرار في بلادنا المباركة وسلامتها من الشرور والفتن، والحيلولة دون انتشار المذاهب والأفكار الهدامة بين الناس. ومما تبذله الهيئة من الجهود المشكورة ما تقوم به من إقامة مراكز احتسابية في موسم الحج يقوم رجال الهيئة من خلالها بنصح الحجاج وتوجيههم نحو الخير والصلاح، وتحذيرهم من المخالفات العقدية، وممارسة البدع والمنكرات أثناء أداء مناسكهم. ولاشك أن هذا أمر مهم وفيه إعانة للحاج على تحقيق جناب التوحيد، والبعد عن الأعمال الشركية، والأعمال البدعية، وبذلك تتحقق سلامة حج الحجيج وكمال أجرهم وثوابهم، كما أن احتساب رجال الهيئة على المخالفات العقدية يعين الحاج الوافد من خارج البلاد على الوعي بخطورة هذه المخالفات التي ربَّما مارسها واعتادها في بلاده، ولم يحذِّره أحد عنها، ولم يُنبَّه على خطورتها ومخالفتها لعقيدة التوحيد الخالصة. فنحن نشدُّ من أزر رجال الهيئة في قيامهم بهذه المهمة الشريفة، وأدائهم لهذه الرسالة العظيمة، ونسأل الله العلي العظيم لهم التوفيق والسداد، وأن يكلِّل جهودهم بالنجاح، ومساعيهم بالفلاح. وصلى الله وسلم على نبينا محمد. *المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء والرئيس العام للبحوث العلمية والإفتاء