انتهز هذه الفرصة لاتقدم بخالص التهاني لشعب وحكومة وقيادة المملكة العربية السعودية بمناسبة العيد الوطني ال 84. التاريخ مليء بالأحداث. احداث قد تخجل منها الامم، واحداث تعتز وتفخر بها الامم. احداث تتمنى الامم ان تزال من تاريخها، واحداث تقام لها الاحتفالات السنوية ويفخر أبناء الامم بترديدها والمشاركة في تعميق معانيها في حياتهم اليومية. ان اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية يستوجب على كل سعودي ان يفخر بما قام به المغفور له الملك عبدالعزيز، حيث اكتمل على يديه توحيد وتأسيس المملكة العربية السعودية التي نعرفها اليوم. بدأت النهضة التي قلما ان تجد مثيلا لها في التاريخ. وانطلقت اعمال التنمية في جميع المجالات. وقد كان التركيز على البنية التحتية وتنويع مصادر الاقتصاد لتقليل الاعتماد على النفط. التنمية وضعت التعليم والصحة على رأس الأولويات وتم تخصيص ميزانيات ضخمة لتطوير التعليم والرعاية الصحية. ولم يكن ذلك على حساب المجالات الاخرى التي توليها حكومة المملكة جل اهتمامها. لقد زارنا الأسبوع الماضي مسؤولان بريطانيان كبيران هما السير ليستر، نائب عمدة لندن، والسيد كريس جريلينج، وزير العدل البريطاني. وقد شاهد المسؤولان التطورات الى حدثت في المملكة خلال العشر سنوات الماضية. عمدة لندن جاء لتطوير العلاقات التجارية وزيادة الفرص الاستثمارية بين البلدين، اما وزير العدل فقد جاء خصيصا لتوقيع مذكرة التفاهم حول التعاون في مجال القضاء. وعلى الرغم من ان الزيارتين مختلفتان من حيث الهدف، الا ان المسؤولين البريطانيين توصلا الى نتيجة مفادها ان التقدم لا يقاس بالزمن فقط، ولكن ايضا بما تم إنجازه خلال هذا الزمن. فبمقياس الزمن، يحتاج الآخرون عشرات السنين لإنجاز ما أنجزته المملكة العربية السعودية خلال العشر سنوات الماضية. نحن في بريطانيا نعلم ان العقيدة الاسلامية وضعت قواعد يحكمها العدل والمساواة في التعامل مع غير المسلمين. ونعلم أيضاً ان الدين عندما يخاطب الانسان فهو يكرمه لذاته بغض النظر عن ديانته ولذلك دعت الديانات السماوية الى التسامح. فالتسامح يؤدي الى احترام الآخر والاحترام يؤدي الى نبذ التعصب ومن ثم التطرف والعنف. لقد تشرفت قبل أسبوعين بتقديم أوراق اعتمادي الى خادم الحرمين الشريفين واستمعت الى خطابه الذي نقلته جميع وسائل الاعلام المحلية والعالمية وابرزت تصميم جلالته على محاربة الإرهاب ومصادره. وكانت كلمته جامعة ولم يختص بها دولة معينه او منطقة، بل كان يؤكد على ان مكافحة الإرهاب مسؤولية دولية تستوجب تكثيف الجهود الدولية ليس فقط من خلال الطرق الأمنية ولكن أيضاً بمحاربة الفكر بالفكر. واسفرت دعوة خادم الحرمين الشريفين وما تلاها من اجتماعات محلية ودولية عن فكرة انشاء تحالف عربي غربي ضد التنظيمات المتطرفة وبخاصة تنظيم داعش. ومن هنا ارى انه من المفيد ان أعلن ان بلادي مستعدة كامل الاستعداد للمشاركة في هذا التحالف لانها تعلم تماماً ان الإرهاب ليس له دين ولا دولة، وان بريطانيا كما المملكة العربية السعودية عانت من الإرهاب بشكل كبير وان هذ التنظيمات ماهي الا مجموعة من المتطرفين الذين يشوهون صورة الدين ويعملون عكس الآية الكريمة "يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا". وكما اسس الملك عبدالعزيز قواعد توحيد المملكة العربية السعودية التي نراها اليوم قوة سياسية واقتصادية في المنطقة، فان اجتماعه الشهير مع وينستون تشرشل قد اسس القواعد القوية التي قامت وتطورت عليها العلاقات بين المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة. *السفير البريطاني لدى المملكة