أتضايق حين يتم تعليق شماعة الأخطاء على شبابنا الصغار.. أغضب حين يتم رميهم بالتهمة لخدمة أجندات شخصية أو متطرفة.. أتأكد من وجود مغالطة حين يتم تحميلهم مسؤولية قضايا جدلية سبقت أعمارهم بكثير.. فحين نناقش موضوع قيادة المرأة للسيارة مثلا يحتج البعض باحتمال أذيتها من قبل "الشباب".. وحين نتحدث عن الاقتتال في مواطن الفتن ننسى رأس الأفعى ونلقي التهمة على "شباب مُغرر بهم".. وحين يعترض البعض على الابتعاث يحتجون بأنه إفساد "للشباب" ويتناسون أن من يبتغي إفساداً يصنعه في الداخل والخارج.. الحقيقة هي أن شبابنا أنبل وأشجع وأكثر استقامة من كل هذه الاتهامات.. ولا أقول هذا من باب التملق أو المجاملة بل من خلال ما يثبته الواقع، والسائد، وما تنشره يومياً وسائل الإعلام.. ففي كل يوم أسمع أو أقرأ عن أعمال بطولية يقوم بها شباب مجهولون يستحقون الإشادة والتكريم.. فقبل فترة مثلاً قرأت عن شباب شاهدوا وافداً يسرق طفلة صغيرة (في أحد رفيدة) فطاردوه بالسيارات حتى اصطدموا به واضطروه للوقوف.. وحين غرقت جدة بالسيول تطوع الشباب لإنقاذ المحاصرين بما فيهم فتيات المدارس.. وحين غرق أحد أنفاق الرياض تطوع لإنقاذ الفتيات الجامعيات شباب شجعان نظموا أنفسهم فوق أسطح الباصات وأخرجوا الطالبات الواحدة تلو الأخرى... افتح اليوتيوب وشاهد بطولات حقيقية لشباب لم تحركهم سوى النخوة والرجولة وشهامة الأبطال.. شاهد مقاطع بعنوان "أبطال مجهولون" و"فزعة شباب حائل" و"رجل يضحي بحياته من أجل إنقاذ عائلة من الغرق" و"إنقاذ طفلة من منزل يحترق في السعودية" و"سعوديون يحاولون إنقاذ امرأة من الغرق" و"إنقاذ طلاب مدرسة ابتدائية من أمطار الرياض" و"شباب أنقذوا عائلة ثم غرقوا هم".. وآلاف المقاطع التي تثبت شجاعة وشهامة شباب هذا البلد... شهامة وشجاعة تنتقل معهم حتى في الخارج وتعطي صورة حسنة لبلدهم ومجتمعهم.. حين كنت في اليابان تشرفت بمعرفة ثلاثة طلاب سعوديين أطلقت عليهم الصحف اليابانية لقب "أبطال سينداي" بفضل الأعمال البطولية التي أدوها خلال زلزالها الشهير عام 2011.. أكتب في جوجل جملة غير مكتملة مثل "مبتعث سعودي يُنقذ.." سيُكملها هو لك "عائلة أمريكية من الموت"، "طفلاً كندياً من سيارة قبل اشتعالها"، "إمرأة حاولت الانتحار في إيرلندا"، "ثلاث طالبات من حريق شب بشقتهن".... وجميعها أفعال تؤكد المعدن الأصيل لشبابنا وأنهم على عكس ما يروج البعض أول من يسعى لمساعدة من يحتاج للمساعدة بصرف النظر عن جنسيته أو ديانته.. لماذا نتخذهم حجة لمنع المرأة من القيادة ولا نفترض أنهم سيكونون أقرب الناس لنجدتها حين تتعرض لمشكلة.. لماذا نشوة مشروعاً رائداً كالابتعاث بحجة أنه (قد) يفسد الشباب، وننكر أن المبتعثين أكثر التزاماً وتفوقاً على الطلاب الأجانب في الخارج.. لماذا نعارض عمل الأرامل والمطلقات بحجة تعرضهن لمضايقة الشباب في حين يثبت الواقع ندرة البلاغات المقدمة لأقسام الشرطة وهيئة الأمر بالمعروف... .. وفي حال عرف أحدكم حادثة عاكس فيها شاب فتاة، أو آذى عائلة، أو خرج فيها عن بعثته؛ فأسألكم أنا: هل يجوز هدم القاعدة من أجل الاستثناء؟ هل يجوز الحكم على العام والسائد من خلال الشاذ والنادر؟ هل من الأمانة الاستشهاد بأمثلة فردية مقابل آلاف النماذج الإيجابية التي نقرأ ونسمع عنها يومياً ناهيك عن التي لم يرصدها الإعلام الرسمي والشعبي.. على العكس تماماً؛ أرى أن من مصلحتنا تشجيع المبادرات النبيلة لدى الشباب كون التشجيع والتكريم يساهمان في ترسيخ ونشر الأفعال الحميدة في نفوس البقية... ولهذا السبب بالذات أرفع لمقام وزارة الداخلية اقتراحاً بإنشاء جائرة وطنية تقدمها لأفضل عمل بطولي أو تطوعي قام به أحد المواطنين الشجعان "خلال العام"...