بموسوعية شاملة وأناقة في كتابة المقالة الصحافية، يقدم الكاتب البحريني بدر عبدالملك إلى الواجهة، مجموعة قضايا تمس المرأة المعاصرة في العالم، انطلاقا من شخصيات نسوية كان وما يزال لبعضها الحضور البارز. من هنا يعد كتاب "نساء على خط المواجهة"، للكاتب البحريني عبدالملك الجديد والصادر عن دار العين القاهرية؛ قراءة فكرية تتنقل بين مستويات الوعي الثقافي والسياسي وهي تطل على شخصيات من نوع: بدرية خلفان وشرين عبادي والأم تريزا وبناضاير بوتو وتحية كاظم (زوجة جمال عبدالناصر) ومريم جوري، إلى جانب قراءة بعض الأعمال الأدبية التي لامست قضية المرأة. الكتاب الذي يقع في (239ص)، يتيح للقارئ وخاصة المرأة، الوعي بقضايا النساء ومشكلاتهن وتتبع تلك القضايا منذ فجر التاريخ وحتى اليوم. ومن أجواء الكتاب نقرأ: "في 8 مارس عام 1848 أعطى ملك بروسيا المرأة الحق في الانتخابات وقد اختير لهذا اليوم ثلاثة ألوان: الأخضر والأبيض والبنفسجي. ثم قامت نساء بريطانيا بالمطالبة بحقهن في الانتخابات عام 1908". وفي مقالة بعنوان (شيرين عبادي والبابا) ينقل عبدالملك تجربة الحقوقية الإيرانية الحاصلة على جائزة نوبل، في السجن حيث نقرأ: "في زنزانة منعزلة كتبت شرين عبادي، ينتابني الغضب وأنا أحاول الكتابة على الجدار الإسمنتي بمؤخرة ملعقتي. إننا ولدنا لنقاسي لأننا نشأنا في العالم الثالث. يفرض علينا المكان والزمان أن نتحلى بالصبر لأنه لا يوجد خيار آخر". في المقالة يتحول بدر عبدالملك إلى شخصية تكاد تكون متخيلة وهو يحركها من سياقها ليضعها في مواجهة كروية ولكن على جائزة نوبل للسلام التي كان المرشح للفوز بها هو البابا يوحنا بولس، غير أن الجائزة منحت في العام 2003 للحقوقية الإيرانية البرفسور شرين عبادي، تقديراً لموقفها في مناهضة القمع والمطالبة بالحرية. وفي مقالة بعنوان: "الابنة الجميلة وحمامة بيكاسو يطل الكاتب البحريني على العالم الروائي، متوقفاً عند رواية (الصامدون) للمؤلف بوريس جوترباتوف والتي تتصور فترات احتلال الألماني لأجزاء من روسيا في الحرب العالمية الثانية والفظائع التي قام بها الجنود الألمان بحق الفتيات الأوكرانيات (كانت جزءاً من بروسيا). في المقالة يتأمل عبدالملك تلك الحوارات المؤثرة بين الأب الأوكراني وزوجته وهما يلحظان ابنتهما وقد كبرت وبدت جميلة، إلا أن الأب يجد نفسه مسروراً لذلك؛ حيث يعلق الكاتب البحريني حول تماهي اغتصاب الوطن مع اغتصاب المرأة وهو ما يجده أكثر تعبيرية في العمل الفني الأبرز "جيرنيكا" للرسام الإيطالي بابلو بيكاسو وهي "تصور رؤوس النساء معلقة في حالة استغاثة مميتة بعيد هول المذابح التي وقعت جراء قنابل الفاشية. الشخصية النسوية الوحيدة في الكتاب، هي بدرية خلفان، الناشطة السياسية البحرينية من خمسينيات القرن العشرين والتي كان لها دور كبير في تطور الوعي السياسي في البحرين والمنطقة. ومن أبرز مقالات الكتاب، نقرأ هذا العنوان: (ارفعن أصواتكن.. اخرجن عن صمتكن) وهو على ما يبدو كتب عنوانه قبل نصه، وفيه نلاحظ الحماسة القوية للمرأة، من قبل الكاتب البحريني الذي كان مخلصا ووفيا وداعما للمرأة بكتاب يستحق أن يكون بجوار كل امرأة تريد الوعي بقضاياها المعاصرة والتعرف على أبرز الشخصيات النسوية في العالم. غلاف الكتاب بدر عبدالملك