روى الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أصبح منكم آمنًا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا".وفي شرح "آمنا في سربه" قيل أهله وعياله وقيل مسكنه وقيل طريقه وقيل آمن على عرضه. ولذلك فإن الأمن من أعظم نعم الله علينا بعد الإسلام لذا قُدم على الصحة، والأمن في بلادنا أولوية لدى قيادتنا الرشيدة التي لا تتوانى ولا تتأخر عن تخصيص الميزانيات الضخمة سواء على جانب المعدات والعتاد أو على جانب الأفراد والضباط من حيث تأهيلهم بأفضل الدورات وبأحدث التقنيات التي تستخدم في العالم. ومما لاشك فيه ما يحصل من حولنا من اضطرابات في دول الجوار يجعل المسؤولية أكبر على الدول في جميع قطاعاتها العسكرية والمدنية في الحفاظ على الاستقرار والأمن. حرس الحدود كان البوابة الأولى وملتقى منافذنا مع دول الجوار وأول ملامح وجه المملكة ولذلك كان أول خطوط الدفاع على امتداد حدود الخريطة السعودية وعلى رأسه من غادرنا وفجعنا بوفاته الفريق الركن زميم السواط مدير عام حرس الحدود. لم تكن وفاته إلا فقداً للوطن كله الذي عاش الفقد هو وأبناؤه يتلمسون محاسنه وإن ظهرت في حياته قبل وفاته، فهو على الثغور كان رجلا يحمل هموم أمن وطنه.. ولم يكن مستغربا أن نرى تلك الصور التي بدأت تتناقلها وسائل الإعلام له بعد وفاته وهو يقف بحزم أمام المهربين وفي أخرى يقف مع أبناء من حرس الحدود شاحذا الهمم. وحياته لن تكون مجرد صفحات ورق تطوى بل هي أفعال تبقيه خالدا في ذكرى الكثيرين، ممن ناموا في بيوتهم آمنين وهم يعلمون أن هناك من يسهر على أمنهم يحمل هم الحماية والذود عن حدود الوطن. نسمع من هنا وهناك أخباراً تتوالى عن انجازات حرس الحدود، فها هو يمنع تسلل المهربين ممن يحملون في جعبتهم كل مدمر لأبناء شعبنا، وفي مكان آخر يحمي حدودنا من أن تخترق من قبل من أرادوا شرا في بلاد الحرمين. إلا أننا كنا دوما نعلم أن هناك أيادي خفية مثلها الفريق السواط الذي ابى أن يترجل عن حصانه حتى آخر لحظات حياته التي قضاها في مكتبه يشرف على أدق تفاصيل أبنائه من حرس الحدود. وما يجعلنا متأكدين آمنين أن الفريق السواط ترك خلفه خير خلف لخير سلف فحتى وقت قريب شارك الفريق عدداً من أفراد حرس الحدود بجازان عمليات عدة، وتم فيها ضبط مجموعة أسلحة ومهربين، فيما وجه بمكافآت للجنود المشاركين في العملية، وذلك خلال جولته التفقدية على قطاعات حرس الحدود بمنطقة جازان. فهذه اللحظات لم تكن سوى تدريب وتعليم لهم لكيف يقف القائد في الخط الأول للدفاع عن وطنه ليقف ويشارك جنبا لجنب مع أبنائه في الذود وحماية حدوده. أما قبل سبعة أيام من موعد لقائه بربه فإن الفريق ركن زميم بن جويبر السواط كان حاملا لهموم وطنه وعاشقا لترابه ولأبنائه، فما كان منه إلا أن زار مصابي حرس الحدود في مواجهة الوديعة مع الإرهابيين في شهر رمضان الماضي، في مستشفى قوى الأمن بالرياض قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة في ذات المستشفى قبل ايام منقولاً إليه من مكتبه في الإدارة العامة لحرس الحدود. فهي تلك نهاية الأبطال الذين تبقى سيرتهم عطرة وذكراهم نفيسة في أذهان من ضحوا بحياتهم من أجلهم. وباسمي وباسم أسرتي أعزي القيادة وذوي المتوفى وزملاءه في قطاع الأمن كافة بوفاته رحمة الله عليه.