فتحت الحرب الإسرائيلية على غزة حرباً دعائية مكانها الدول العربية وخاصة دول الخليج ونجت منها إسرائيل، فقد صُنع خطاب شديد العنصرية والخبث لضرب العربي بالعربي، فانطلقت عبارة "إذا أردتم أن تشارك الدول الخليجية بضرب إسرائيل قولوا إن الشعب الإسرائيلي تشيع"، ليس في هذا الخطاب دفاع عن غزة ولا إدانة لوحشية إسرائيل وليس موجهاً للعرب السنة، فمراد هذا الخطاب العرب الشيعة لتعزيز عاطفة الكراهية لديهم اتجاه العرب الآخرين، ولهذا هذا الخطاب عوامل إسناد عديدة همجية داعش وعلوية نظام الأسد والصراع الطائفي بالعراق جميع هذه العوامل تعزز الإقناع بكراهية طائفة لطائفة، فالمراد من هذا الخطاب كسب شيعة الخليج عن طريق نفورهم من مكونهم الوطني وجعل حالة التعايش في وسط هذا المكون أصعب من التعايش مع العدو الإسرائيلي. الدعاية عندما ترتبط بالعقائد تحقق أقصى درجات النجاح فهتلر جعل النازية عقيدة وجود لا تأمن إلا بالقضاء على العقائد الأخرى وكذلك إسرائيل قامت دعايتها على تخويف اليهود من مخاطر العقائد الأخرى على الوجود اليهودي.. فما نشهده اليوم خاصة في الدول الخليجية من دعايات لضرب مكونات المجتمع الخليجي في بعضها هي إشارات تحذيرية لخطر هذا التوجه الطائفي على استقرار الشعوب الخليجية ودفعها للاشتعال من الداخل لا ليكسب شيعة الخليج أو سنته بل لتكون الطائفية هوية انتماء تزيد وتقل حسب الفرص المتاحة. الخطر لا يواجه بإنكار الخطر بل بالعمل الجاد فما هو دعاية اليوم سيتحول في الغد إلى واقع يصعب التعامل معه وليس إنكاره، علاج مثل هذا التوجه من مهام أمانة مجلس التعاون الخليجي فعليها ان تتحرك بتشكيل إدارة أو لجنة دائمة أعضائها من أبناء مجلس التعاون الخليجي هدفها معالجة الأمراض الطائفية في المجتمع الخليجي "لجنة مكافحة الطائفية" تقدم رؤية تعايش وطني في مجلس التعاون تتابع التعليم والإعلام والمنابر وتضع المحظورات وتسن العقوبات لحماية المجتمع من نار الطائفية. فما يكون اليوم عقاباً يصبح غداً قيمة وطنية تحترم بسبب ما تحمله من رسالة سامية وعادلة، لماذا كل مجلس التعاون؟ يعود ذلك لطبيعة الحضور الطائفي بالمنطقة والاتهامات الطائفية بين شعب وشعب، وكذلك يتم تعزيز الانتماء الخليجي الذي بدأ يرتفع به النفس الطائفي لأسباب لا تتعلق باختلاف المذاهب في جغرافيته بل بسبب الصراعات السياسية التي تقتات على مذاهب البشر وأديانهم. سبق للملك عبدالله أن طرح فكرة إنشاء مركز لحوار المذاهب فالمطلوب من مجلس التعاون الاستفادة من هذه الرؤية العادلة لإبعاد المجتمع الخليجي عن فوضى الأفكار والسلاح، فمع نشاط الدعاية المعادية لأبناء الخليج لا مناص من التعامل مع توجه الملك عبدالله لمحاربة النفس الطائفي بإرادة مخلصة وعمل حاضر في اعتباره وأشخاصه، فالابتعاد عن النار لا يطفئ النار، ولا تُطفأ نار الطائفية ودعايتها الخبيثة إلا بتشكيل جهاز في أمانة مجلس التعاون الخليجي يتعامل مع هذه الأزمة بوطنية وعدالة لا تقدم اعتباراً على اعتبار.