لم يشهد أي نزاع من قبل بين روسيا وبولندا مذاقاً أحلى على الأقل ظاهرياً من هذا النزاع الجاري حاليا. فقد أصبح التفاح أحدث موضع للخلاف في العلاقات بين الدولتين. فمنذ أن فرضت روسيا حظرا على الفواكه والخضروات القادمة من بولندا، قام بعض البولنديين ببذل مزيد من الجهد غير المعتاد لالتهام الكثير من التفاح كتعبير قوي عن احتجاج تبدو على سطحه الخفة على الرغم من جديته الكامنة، والذي يعد أيضا عرضا للوطنية محشواً بالفيتامينات. وكانت مجلة "بالس بيزنيسو" المتخصصة في التجارة والأعمال أول مطبوعة تخاطب قلوب ومعِدات البولنديين، الذين يشتهرون بحبهم لتناول النقانق أكثر من المأكولات الخفيفة الصحية. وكتب نائب رئيس تحرير المجلة في افتتاحية العدد الصادر الأسبوع الماضي: " قفوا في وجه بوتين، وتناولوا التفاح، واشربوا عصيره ، فيجب أن تساعد قوة المستهلكين بولندا على مواجهة الخسائر المالية الناتجة عن الحظر". ولاقت هذه الدعوة صدى واسعا في مواقع التواصل الاجتماعي في بولندا وخارجها، وانتشرت الصور الشخصية للبولنديين الذين يأكلون التفاح في مختلف صفحات الفيس بوك وتويتر. وحثت الإعلانات الموضوعة على الحافلات التي تسير في شوارع العاصمة وارسو المواطنين على تناول المزيد من التفاح. كما أن ديوان الرئيس البولندي برونيسلاف كوموروفسكي وضع صورة للرئيس وهو يبتسم وأمامه سلة مليئة بالتفاح. ويبدو أن مقر الناتو أيضا قد جمع بعض المعلومات المخابراتية عن هذه الفاكهة. فقالت البعثة الأمريكية لدى الناتو على تويتر: "نسمع أيضا أن التفاح البولندي لذيذ الطعم". ولا يكاد يشك أحد في بولندا في أن الحظر الذي فرضته روسيا على التفاح البولندي وغيره من الفاكهة يعد رد فعل إزاء انتقاد بولندا للموقف الروسي حيال بولندا. وظل الساسة ووسائل الإعلام في بولندا لشهور يدعون لفرض عقوبات أكثر صرامة على روسيا. وكان يتم تصدير 667 ألف طن من التفاح سنوياً لروسيا، بينما يشتري المستهلكون في بولندا 600 ألف طن أخرى. ويشير المسؤولون إلى أنه على الرغم من أن هذا الرقم يبدو كبيرا إلا أنه ليس كثيرا على البولنديين الذين يلتهم الواحد منهم أكثر من 85 كيلوجراما من اللحوم سنويا. ودعا سافيتسكي في نداء عبر الإذاعة البولندية البولنديين إلى تناول من ثلاث إلى أربع تفاحات يوميا. وظهرت عبارة تتداول بكثرة على صفحات فيس بوك هذه الأيام تقول إن "تناول تفاحة في اليوم يجعل بوتين بعيدا عنا".