يتخذ كتاب اليوميات المستعادة من غزو الكويت "رماد الروضة" أهميته من خلال قراءة الأحداث والوقائع بعين المرأة الكويتية، المثقفة والناشطة السياسية، إقبال العثيمين، التي تعيد سرد الأحداث من خلال تسجيل ذكرياتها المريرة منذ عشية الغزو في الثاني من أغسطس 1990، وحتى بعيد التحرير بيوم وهي التي قررت من الأيام الأولى للاحتلال أن تبقى ولا تترك الكويت رغم مغادرة بعض أهلها إلى الخارج كموقف أفصحت عنه في الصفحات الأولى من الكتاب الذي تشعرنا فيه إقبال بأن الجرح الكويتي لا يزال مفتوحاً، رغم مضي ما يجتاز العقدين. نقرأ في هذا الكتاب الصادر عن دار (العين) القاهرية، دهشة إقبال من الموقف العربي حينها وبالأخص الرسمي الفلسطيني من الغزو والذي انعكس على الرأي العام الفلسطيني والعربي رغم كل ما قدمته الكويت للفلسطينيين من افتتاح مقرات للتنظيمات السياسية واحتضان اللاجئين الفلسطينيين. تتذكر بحزن الأعمال التخريبية التي قامت بها مليشيات جبهة التحرير العربية المؤلفة من فلسطينيين تدربوا على يد القوات الصدامية الغازية وقاموا بحرق وقتل العديد من أفراد المقاومة الكويتية التي تبرز الكاتبة بعض جوانبها في الكتاب. تستحضر العثيمين، من حي "الروضة" الواقع في ضواحي مدينة الكويت، تلك الجولات التي كانت تقوم بها لإحصاء البيوت لمعرفة أماكن وجود السراديب التي من الممكن أن تتحول لملاجئ حال وقوع ضربات عسكرية؛ نقاط التفتيش العراقية وسرقات ونهب السيارات والمظاهرة النسائية التي خرجت فيها مع ناشطات كويتيات تحديا للاحتلال وصورت وبثت في الإعلام العالمي، تغيير أرقام البيوت بعد مطاردة الجنود الكويتيين من قبل الجنود العراقيين للقضاء عليهم وتغيير أسماء الأحياء من أسماء شيوخ وحكام الكويت إلى أسماء عراقية بعد أن تحولت الكويت إلى المحافظة التاسعة عشرة أو كما سمي وقتها بعودة الفرع للأصل وغيرها من صور انقلاب حياة كاملة وآمنة إلى قلق يومي في ظل عيش متعطل وبائس لشح الغذاء والدواء والماء والكهرباء وخاصة بعد امتداد أشهر الاحتلال. في كتاب "رماد الروضة" نتعرف على موقف الناشطة الكويتية التي انحازت إلى المقاومة السلمية في الكويت مشيرة إلى أن المعركة غير متكافئة بين الطرفين. " أليس العصيان المدني كافياً كمقاومة؟ "تسأل الكاتبَ الكويتي إسماعيل فهد إسماعيل بعد يوم من التحرير وهو الذي كان قائد إحدى مجموعات المقاومة الكويتية، وبالتأكيد يأتي جواب إسماعيل رفضا وامتعاضاً، وتأكيداً على ضرورة أن تكون هنالك تضحيات. في كتاب "رماد الروضة" نرى كيف يتداخل الهم العام مع الهم الشخصي والعائلي خلال الغزو، حيث ندخل مع الكاتبة الكويتية في قصص وحكايات عائلية وأخرى عن الأصدقاء من الكويتيين والعرب. نتعرف على الخيبات ومصائر الشخصيات كشخصية العراقي "أبو براك" الهارب من نظام صدام ليجد نفسه محاصراً وهارباً مرة أخرى بعد الغزو ومتخفياً داخل الكويت من أن لا يعتقله جيش النظام. لا تمهلنا كثيراً "إقبال" لتخبرنا بأن المضايقات التي تعرض لها "أبو براك" من المجتمع الكويتي الذي صار ينفر من اللهجة العراقية، بعد التحرير، أجبرته لأن يخرج هاربا مرة ثالثة من الزمن القاسي إلى المنفى الذي لا يعرف أنه سيدفن فيه وإلى الأبد. أخيراً يمكن الإشارة إلى أن الكتاب الواقع في 158 صفحة من القطع الصغير، يمثل جرعة إنسانية مؤثرة وشهادة لصيقة الصلة بكاتبتها التي وعدتنا بجزء آخر وجديد، نتمنى أن يضم صوراً ووثائق نرى أنها كانت ضرورية في مروية "رماد الروضة" التي تخطت السيرة إلى تدوين موقف من غزو الكويت الذي كان بداية شق الصف العربي.