تعد دول آسيا أقل عرضة للمخاطر الخارجية مقارنة بالعام الماضي. وتستمر الولاياتالمتحدة بتخفيف البرنامج الثالث للتسهيل الكمي "QE3" منذ بداية العام من دون أن تتسبب بأي فوضى، إذ سجلت الدول التي كانت الأكثر تأثراً بالإعلان العام الماضي بالبدء بتخفيف البرنامج، معدلات معتدلة هذا العام. وسجلت عملات الهند وإندونيسيا ارتفاعاً مقارنة بالعام الماضي، وهو الحال في معظم دول آسيا التي كانت جميعها قد شهدت انخفاضاً خلال 2013 باستثناء الصينوكوريا الجنوبية. عامةً، أسواق المال في هذه المنطقة تشهد ازدهاراً بمعدلات ضعف التي حققتها طوال العام الماضي، لتتخطى بذلك أسواق الولاياتالمتحدة وأوروبا. على عكس العام الماضي، اعتمد أداء اقتصاد دول آسيا هذا العام على عوامل محلية، منها عدم الاستقرار السياسي في تايلند ومتانة الاستهلاك المحلي في كوريا الجنوبية. وتحسّن أداء القطاع الخارجي لدول آسيا أيضاً هذا العام، إذا ارتفعت الصادرات الآسيوية (باستثناء اليابان) باستمرار خلال العام، مسجلة ارتفاعا بنسبة 4.3% في مايو على أساس سنوي، وذلك بعد أن كانت الصادرات قد سجلت أكبر نسبة انخفاض لها في أربعة أعوام بلغت 5.9% على أساس سنوي في بداية العام الجاري. بما أن الأوضاع الاقتصادية العالمية أفضل اليوم من عام 2013 مثل تحسّن أسواق العمالة والإسكان في الولاياتالمتحدة واستقرار الأزمة السيادية في منطقة اليورو مع ظهور العوائد على السندات السيادية، استوردت الاقتصاديات المتقدمة المتمثلة في الولاياتالمتحدة وأوروبا واليابان، سلعاً بمعدلات أسرع في ثلاثة أشهر من ما استوردته في العامين الماضيين. ساهم هذا الطلب المتنامي من الاقتصاديات المتقدمة في دعم حجم صادرات آسيا الناشئة، ومعه قطاع التصنيع. تؤكد نتائج مؤشر مديري المشتريات الأخير على متانة قطاع التصنيع في أكبر اقتصادين في آسيا الناشئة. يتألف هذا المؤشر من بيانات مبنية على استبيانات شهرية يجيب عنها مديرو مشتريات تنفيذيين في قطاعات مختلفة. وتعني القراءة الأكبر من 50 أن أكثر من 50% من المديرين يرون أوضاع العمل تتحسن أفضل من الشهر الماضي، مما يشير إلى بيئة عمل متوسعة. ويصدر مؤشر مديري المشتريات عن قطاعي التصنيع والخدمات كلاً من "ماركت إيكونومكس" (برعاية اتش اس بس يس أند كو "HSBC and co") وجمعيات الإحصائيات الوطنية، في بداية كل شهر. وأظهر المؤشر الأخير أن قطاع التصنيع في الصينوالهند قد توسّع في يوليو وتحسن مقارنة بالشهر الذي سبق. وكان الدافع لهذا التحسن عوامل محلية وخارجية. فمنذ مارس والحكومة الصينية تبطئ موجة الإصلاحات بسبب تأثيراتها السلبية على النمو القصير المدى. مع أن الحكومة لا زالت تطبق برامج تحفيزية صغيرة، إلا أنها أكثر استهدافاً من ما كانت عليه في 2013، حيث أن الإسكان الحكومي والطاقة البديلة والسكك الحديدية هي القطاعات المستهدفة وبالتالي كان لها دور في دعم قطاع التصنيع، الذي أيضاً تأثر إيجابياً بتحسّن الطلب الأمريكي والأوروبي، الوجهتين الأكبر لصادرات الصين في الربع الثاني من العام. تختلف الحالة في الهند. مع أن قطاعي التصنيع والخدمات اتخذا مساراً مماثلاً للصين في يوليو، إلا أن الدورة الإقتصادية الهندية في مرحلة مختلفة تماماً. ولّد فوز حزب "بهاراتيا جناتا" في مايو شعوراً محفزاً للأعمال والمستثمرين في الهند، إذ ارتفعت ثقة الأعمال والاستهلاك وأيضاً التوقعات لقطاع التصنيع بعد سنوات من النمو البطيء في ظل البيروقراطية والتطوّر البطيء للبنية التحتية. إضافة إلى ذلك، ساهم ضعف العملة وتحسّن الأوضاع الإقتصادية العالمية في تعزيز صادارات الهند التي قفزت بنسبة 10.2% على أساس سنوي في يونيو، ليدعم ذلك التصنيع الهندي. التطلعات القصيرة المدى للصين والهند تبقى إيجابية. فستدعم كل من الحكومة الصينية والتفاؤل الاقتصادي الهندي ما بعد الانتخابات قطاع التصنيع في كلا الدولتين. كما أن التطورات الإيجابية في الولاياتالمتحدة ومنطقة اليورو ستدعم الصادرات والتصنيع في الدولتين الآسيويتين التي من ناحيتها ستحافظ على مستوى طلبها على الطاقة من دول شرق الأوسط. *آسيا للاستثمار