الرفاق الحمر في ضيافة الشيوعي الأخير فيدل كاسترو في كوبا، فقبل التوجه لحضور نهائي كأس العالم في البرازيل عرج الرئيس الروسي بوتين على هافانا تلاه الرئيس الصيني "تشي جينبينغ" واللذان زارا الجزء الجنوبي من الكرة الأرضية بمناسبة قمة "البريكس" التي عقدت في البرازيل. أحيت بكينوموسكو علاقتهما بكوبا الحديقة الخليفة للولايات المتحدة في الوقت الذي تبدي واشنطن شراسة على الحدود الجنوبية الروسية ونقصد هنا أوكرانيا. خلال الزيارة لهافانا التي تعاني من حصار شديد تضربه الولاياتالمتحدة منذ 1962 على هذه الدولة التي كادت أن تشعل شرارة حرب نووية بين موسكو التي أعدت العدة لتنصيب صواريخ نووية على الأراضي الكوبية قبالة السواحل الأميركية. التحرك الروسي والصيني على حد سواء وعزمهما إخراج كوبا من العزلة التي تعيشها، يأتي في وقت يحمى الوطيس فيه بين واشنطنوموسكو حول أوكرانيا، التي يدعم الكرملين فيها القوات الانفصالية، وهو ما يهدد شكل القارة الأوروبية التي بدأت توسيع عدد المنضوين في اتحادها ليشمل المعسكر الشرقي وهو ما يثير حفيظة الروس. كانت مبادرات بوتين وشي جينبينغ الاقتصادية في كوبا رسالة سياسية أكثر من كونها داعمة للنظام الشيوعي المتآكل في كوبا، إذ تدرك الصين وروسيا على حد سواء أن حزمة الدعم الاقتصادي لكوبا سوف تواجه عقبات النظام الاقتصادي والسياسي لهافانا، الذي لا يشجع على القيام بأي حركة استثمارية إستراتيجية، لذا رأينا أن سيد الكرملين تنازل عن ديون بلاده القديمة لكوبا والتي تقدر ب 30 مليار دولار، وربما يكون الثمن إعادة فتح قاعدة التصنت القديمة "لورديس"، التي كانت تعتبر أكبر قواعد التصنت السوفيتية في ستينات القرن الماضي، وقد أغلقت في 2001. من جهتها لن تألوا الصين جهداً في تأسيس شراكة طويلة المدى مع كوبا التي تحمل موقعاً استراتيجياً بفعل قربها من البر الأميركي الذي لا يبعد عنها سوى 90 ميلاً خصوصاً، وبالرغم من اعتناق البلدين كوباوالصين الشيوعية كنظام سياسي، إلا أن الأخيرة استطاعت فرض نموذجٍ يعتمد على دمج النظام الاشتراكي بالرأسمالي لتحقق حضوراً اقتصادياً طاغياً، وينتظر أن تعزز بكين من شراكتها مع هافانا رغبة منها في استثمار الموقع والقدرات الجيو- إستراتيجية قرب دولة تراها الصين العقبة الأخيرة لسيادة العالم، وإن حدث ذلك يمكن أن تكون تلك الخطوة خطراً استراتيجياً على أمن الولاياتالمتحدة في حال نشوء أي نزاع عالمي في المستقبل، لكن يمكن أن يكون الانفتاح في كوبا من الصعوبة بمكان في الوقت الحالي، بل هو رهين بآخر الماركسيين وهو فيدل كاسترو، فبالرغم من الاتفاقيات التي وقعت خلال زيارة الرئيس الصيني الأخيرة إلى كوبا لن يتسنى وضعها محل التنفيذ بشكل فوري بسبب الحاجة إلى إصلاحات عميقة. التصعيد الحاصل بين الولاياتالمتحدة وروسيا بدءاً من سورية و"سنودن" والتجسس الأميركي وأخيراً الحرب في أوكرانيا، هي من أيقظ الحرب الباردة من سباتها العميق وهو ما ينكره أوباما.