لم يعد قرار الشراء خياراً بين الصواب والخطأ، وإنما بين الموت والحياة، وما بينهما من إصابات وعاهات مستديمة، وتبقى تفاصيل المشهد تترقب لحظة التوقف بعد أن "وقع الرأس في الفاس"، وأخذ الألم يعيدنا إلى عقل نتجاذب فيه الاتهامات، وعاطفة تحرّض على العنف، ويتحول الفرح إلى حالة خاصة جداً من سكينة الحزن التي تعجّل برحيل الجميع. الحديث أعلاه ليس تهويلاً وتخويفاً من حجم أضرار الألعاب النارية بين يدي الصغار، ولكنه نتيجة متوقعة أن تحدث في أي وقت، حينما تعلو صرخات "الأبرياء" من الصغار وتصل إلى آبائهم "المتهمين" من أن أحدهم مصاباً في عينه بسبب "صاروخ"، أو في يده بعد انفجار "قنبلة"، أو في رأسة بعد أن اصطدم فيه "بازوكا"، وغيرها من الحوادث التي تشعرك مسميات تلك الألعاب أنك في "حرب غشمان" وقعوا ضحية جهلهم، وإسرافهم. والأخطر من كل ذلك أن تتحول مسميات تلك المفرقعات إلى أسماء إرهابيين، وهو ما يعني خطورة فكرية أيضاً على الناشئة الصغار حين يرددون أسماء إرهابيين، وتبقى عالقة في أذهانهم، وربما تتحول إلى سلوك وعنتريات مراهقين في المستقبل!. في كل عام نطرح سؤالاً لم نجد له إجابة، ولم يتجرأ أي مسؤول أن يجيب عنه:"إذا كانت الألعاب النارية ممنوعة من سمح بدخولها؟"، ونعيد معاً نحلل، ونتوقع، ونتنبأ بالإجابات، وتستمر حملات القبض ومصادرة الألعاب النارية من الأسواق، ونعود مجدداً ونطرح السؤال:"من سمح بدخولها؟" وتستمر حوادث الإصابات القاتلة تشوه أجساد الأبرياء، ونعيد إنتاج السؤال ذاته، وتستمر عمليات فسح الكميات من الموانئ، وهكذا نستمر، وسنبقى كذلك لا نستفيق!. "سوق الحمام" في الرياض أشهر من نار على علم، وأكبر مصدر توزيع بالجملة والمفرّق للألعاب النارية على مستوى المملكة، ومع هذا تباع فيه تلك المفرقعات "عيني عينك"، بل أكثر من ذلك يُحرّج عليها بالكميات و"الدرازن"، و"لا أحد يتكلّم"، أو "يبلّغ"، أو حتى يمتنع عن الشراء. عدسة زميلنا المتألق "بندر بخش" وقفت يوم أمس الأول في ساحة السوق بعد صلاة الفجر مباشرة، والتقطت الصور التي تكفي عن التعليق، ولكنها حتماً لا تكفي للإجابة عن السؤال الأهم:"من سمح لها بالدخول؟". ازدحام كبير على جنبات السوق مفرقعات بأسماء إرهابيين يرددها الصغار داخل السوق بسطات المفرقعات منتشرة في كل مكان من السوق والرقيب يتفرج أب اشترى لأطفاله الأبرياء ألعاب الموت بيع بالجملة بين العمالة قبل تصريفها خارج المدينة سوق الحمام بعد صلاة فجر يوم أمس الأول حيث الزبائن يكتظون صواريخ وقنابل وبازوكا توحي إليك أنك في «حرب غشمان» الزبائن لا يتوقفون عن الشراء رغم التحذير من خطورة الألعاب النارية