تتجسد في شخصيته صفات القائد الحقيقي، يُشعرك بقيمته في الفريق عندما تتابع تحركاته وتوجيهاته وحتى نقاشاته مع زملائه والحكام، هدوءه داخل "المستطيل الأخضر" وإجادته اللعب في أكثر من مركز في وسط الملعب سمات بارزة جعلته أحد أفضل لاعبي الوسط في العالم، انه باختصار اللاعب الانجليزي ستيفن جيرارد الذي يُعد من اللاعبين القلة الأوفياء للفرق التي ترعرعوا فيها، إذ قضى عمره في الملاعب مع ليفربول ولم يختلف قط مع أي من إدارات "الريدز" حول عقده وتجديده بالرغم من العروض المالية المغرية التي وصلت له وهو ماجعله النجم الأول في ليفربول إذ بات يمتلك شعبية جارفة لدى أنصار الفريق، حتى على صعيد المنتخب الانجليزي فلاعب الوسط جيرارد يصنف على أنه أحد أفضل اللاعبين الذين ارتدوا شعاره على مر التاريخ، وبالرغم من تقدمه في العمر وبلوغه ال 34 عاماً إلا أن جيرارد لا يزال قادراً على العطاء وهو ماجعل مدرب المنتخب هودجسون يضمه للتشكيل المشارك في كأس العالم 2014م. ولد جيرارد في مدينة ويستون الانجليزية عام 1980م ويبلغ طوله 1.83م، اعتاد على ارتداء الرقم ثمانية مع ليفربول ومنتخب بلاده طوال الأعوام الماضية، بدأ في ممارسة كرة القدم من خلال فريق مدينته ويستون جونيورز وعمره سبعة أعوام، موهبته لفتت أنظار مسؤولي ليفربول إذ التحق بالأكاديمة والفئات السنية واستمر 11 عاماً بعدها صُعد للفريق الأول، ففي عام 1998م شارك جيرارد لأول مرة مع ليفربول في الدوري الإنجليزي الممتاز إذ خاض أول مباراة مع بلاكبيرن ولعب في أول موسم له 13 مباراة تنقل خلالها بين خانتي المحور والجناح. في الموسم التالي بات جيرارد يزاحم على حجز موقع في التشكيلة الأساسية وتمكن في ذلك الموسم من تسجيل أول هدف له في تاريخه مع ليفربول عندما سجل في شباك شيفلد في المباراة التي انتهت لمصلحة فريقه 4-1. وفي ثالث مواسمه مع ليفربول سطع نجم جيرارد فأصبح أحد ركائز ليفربول إذ لعب في ذلك الموسم 50 مباراة سجل خلالها عشرة أهداف، وساهم جيرارد في ذلك الموسم بشكل كبير في تتويج ليفربول بأربع بطولات هي كأس الاتحاد الانجليزي وكأس الدرع الخيري وكأس الاتحاد الأوروبي وكأس السوبر الأوروبي. عطاء جيرارد وقوة شخصيته وامتلاكه لصفات القائد منحته شارة الكابتنية في ليفربول لأول مرة عام 2003م وشارك في ذلك الموسم في 54 مباراة سجل خلالها سبعة أهداف وتوج مع ليفربول في ذلك العام بكأس الاتحاد الإنجليزي، في موسم 2004-2005م تعرض جيرارد لإصابة في مباراة مانشستر يونايتد أبعدته عن الملاعب إلا أنه عاد في التوقيت المناسب وسجل هدفاً ثميناً في أولمبياكوس اليوناني قاد به ليفربول لدور ال 16، ليس كذلك فحسب بل إن جيرارد كانت له بصمة مؤثرة في تتويج ليفربول بلقب دوري أبطال أوروبا في ذلك العام وتلك النسخة إذ قدم مستوى كبير في النهائي مع ميلان وأعاد فريقه للمباراة بعد أن كان خاسراً بثلاثية نظيفة، وفي تلك الليلة تحدث جيرارد عن مستقبله مع نهاية عقده بقوله: "كيف أترك ليفربول وأرحل عنه بعد هذه الليلة الجميلة"، وفي صبيحة اليوم التالي جدد جيرارد عقده لمدة أربعة أعوام، وقاد جيرارد ليفربول في ذلك العام نحو التتويج بلقب كأس السوبر الأوروبي. جيرارد الذي قال عنه لاعب الوسط البرازيلي رونالدينهو: "بالنسبة لي هو واحد من أفضل لاعبي الوسط في العالم، انه لاعب مؤثر وأحد الرائعين في الملاعب" سجل في موسم 2005-2006م 23 هدفاً خلال المباريات ال53 التي لعبها وهو ماجعله يفوز بجائزة أفضل لاعب انجليزي في ذلك العام كأول لاعب يحصد الجائزة من ليفربول بعد جوهن برونيس الذي نالها عام 1988م، والملفت أن جيرارد هو اللاعب الوحيد الذي سجل في ذلك الموسم في جميع البطولات التي لعبها (كأس الاتحاد الانجليزي والدوري الانجليزي ودوري أبطال أوروبا وكأس الاتحاد الاوروبي). يقول "الأسطورة الفرنسية" زين الدين زيدان: "جيرارد أفضل لاعب في العالم، هو لم يحصل على ذلك الاهتمام الذي حظي به ميسي وكريستيانو لكنه لاعب كبير ولديه قدرة كبيرة على صناعة الأهداف وتسجيلها، والأهم من ذلك أنه يعطي اللاعبين ثقة كبيرة، هذا الأمر لا يمكن أن تتعلمه بل هو يأتي بالفطرة"، هكذا إشادة لا يحظى بها إلا لاعب بمكانة وقدرات الإنجليزي جيرارد الذي نال شارة قيادة المنتخب الإنجليزي في عام 2010م بعد أن غاب المدافع فردناند بسبب الإصابة، وكانت أول مباراة له كقائد للمنتخب في التصفيات الأوروبية مع بلغاريا وفازت فيها انجلترا 4-صفر، بعدها بات جيرارد هو القائد الأول للإنجليز. جيرارد الذي حصد مع ليفربول 11 لقباً لم يفلح في أن يتوج بلقب الدوري الإنجليزي، بالرغم من أن اللقب كان قريباً منه في الموسم الماضي بيد أنه فقد تلك الفرصة في آخر الجولات، جيرارد يُعتبر أحد المتسببين في ضياع اللقب بعد أن ارتكب خطأ فادحاً أمام تشيلسي بعد انزلاقه الذي ساهم في انفراد مهاجم تشيلسي ديمبا بالمرمى وتسجيله، الأمر الذي جعل الإنجليز يسخرون كثيراً من قائد منتخب بلادهم حتى جيرارد سخر من نفسه في حفل توزيع جوائز الدوري الإنجليزي بسبب تلك الحادثة، زيدان الفرنسي قال: "جيرارد يستحق أن يحرز لقب الدوري الإنجليزي لهذا الموسم لأنه من العار أن يكون سجل بطولات جيرارد خال من بطولة الدوري وأن تلك البطولة ستكون بمثابة تكريم وختام لمسيرة جيرارد الوفية مع ليفربول". جيرارد الذي صنف على أنه من أغنى عشر شخصيات رياضية في انجلترا عام 2014م حرمته لعنة الإصابة من التواجد في كأس العالم 2002م، لذلك شارك لأول مرة في مونديال المانيا 2006م وتمكن من تسجيل هدفين في تلك المشاركة إلا أن المنتخب الانجليزي ودع البطولة، وفي 2010م تواجد جيرارد كقائد للانجليز بأمر من المدرب الإيطالي كابيلو الذي فشل في تحقيق نتيجة إيجابية مع الانجليز، ولم يتمكن جيرارد من التتويج بأي بطولة مع المنتخب. يقول مدرب ليفربول رودجرز عن جيرارد: "انه لاعب أسطوري ومن أفضل لاعبي الوسط في العالم لما يتميز به من مميزات لا تتواجد في لاعب آخر، انه لاعب متفرد في أسلوبه لأنه يجيد الهجوم والدفاع كما أن لديه القدرة على تغيير مركزه والأداء بشكل مميز"، في حديث المدرب ملخص لمستقبل جيرارد مع ليفربول إذ سيتواجد مع "الردز" في الموسم المقبل، لكن على الصعيد الدولي فاللاعب أكد بأن مستقبله سيتحدد بعد نهاية مونديال البرازيل. لاعب الوسط الإيطالي دي روسي بعد أن خاض المباراة الأولى في المونديال مع انجلترا أنصف جيرارد عندما قال عنه: "ليس بالأمر العادي بالنسبة لي أن العب ضد جيرارد كنت انظر الى جيرارد كمشجع وليس لاعباً لأنه رجل لطيف جداً ودائماً ودود جداً، أنا حزين على ليفربول الذى لعب بقوة حتى النهاية، لكنه خسر لقب الدوري الممتاز بطريقة لا تصدق، جيراد مثل بيرلو وتشافي وانيستا وهؤلاء اللاعبين قد فعلوا كل شيء في كرة القدم بطريقة لا تصدق حقاً فهم أساطير في كرة القدم". النسخة الحالية من كأس العالم هي الأخيرة لجيرارد إذ لن يكون بمقدوره التواجد في مونديال 2018م كون عمره سيتجاوز ال 38 عاماً لذلك تعتبر هي الفرصة الأخيرة له لفعل شيء لمنتخب بلاده والتتويج معه بإنجاز كهذا إذ سيكون ختام مشواره مسك لو نجح في ذلك، ومنتخب انجلترا بالرغم من خسارته في المباراة الافتتاحية إلا أنه قادر على المضي بعيداً في النسخة الحالية كونه يمتلك الأسماء التي تؤهله لذلك، جيرارد يدرك جيداً بأن "النحس" لازم الإنجليز في ثلاث نسخ سابقة من كأس العالم (90-98-2006) إذ غادر بركلات الترجيح لكنه رفع راية التحدي وأكد بأن ذلك لن يقلقه وسيسعى مع زملائه لإسعاد الإنجليز في مونديال البرازيل.