يناقش مجلس الشورى غدا مقترحا بإيجاد نظام للصندوق الاحتياطي للتقاعد، أعده سليمان بن سعد الحميّد عضو المجلس محافظ المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية سابقا. ويهدف المقترح الى مواجهة المشكلات التمويلية المتوقع حدوثها مستقبلا لأنظمة التقاعد المدني، والتأمينات مع العجز الذي بدأ يواجهه نظام التقاعد العسكري في مصروفاته منذ عام 2012 والبالغ نحو ستة مليارات ريال، في الوقت الذي يتوقع ان تنفد الاحتياطيات بالكامل لنظام التقاعد العسكري في 1442ه والمدني في عام 1458 ه. وتشير المذكرة التفسيرية للنظام المقترح إلى أن أنظمة التقاعد المدني والعسكري والتأمينات منذ صدورها أدخلت عليها تحسينات وتعديلات متعاقبة رفعت من المنافع، وجميع هذه الأنظمة غير ممولة بالكامل، ما يعني أن الاشتراكات المدفوعة وريع استثمارها غير كافيين لدفع المنافع والتعويضات على المدى الطويل وسينشأ عن ذلك قصور في التمويل في هذه الأنظمة، ووفق الدراسة التي تمت في عام 2011م فإن الاشتراكات المطلوبة لتمويل نظام التقاعد المدني هي 33,7% بينما المطلوب لتمويل النظام العسكري 78% ونظام التأمينات هي28% وفق الدراسة التي أجريت بناءً على بيانات 1430ه مع العلم أن هذه النسب تتغير من وقت لآخر. كما تشير المذكرة التفسيرية للنظام الى ان نظام التقاعد العسكري واجه بالفعل عجزاً في العام 2012 مقداره ستة بلايين تقريباً وقد استدعى ذلك استخدام إيرادات الاستثمار لنظام التقاعد المدني لسد العجز. حجم المشكلة المتوقعة واستعرض المقترح لنظام الصندوق حجم المشكلة المتوقعة من خلال عرضها لبعض بيانات الأنظمة الثلاثة حيث ارتفع عدد المتقاعدين في التقاعد المدني والعسكري من 301 ألف في عام 1424ه إلى 618 ألفا في عام 1434ه بمعدل نمو سنوي قدره 10,5% وارتفعت المعاشات السنوية من 17 مليارا إلى 45 مليارا عن الفترة بمعدل ارتفاع سنوي قدره 16,5%. ويتوقع أن يرتفع عدد المتقاعدين من 663 ألفا في عام 1435ه إلى 1,17 مليون في عام 1444ه بمعدل ارتفاع سنوي قدره 7,6% وترتفع المبالغ التي ستصرف كمعاشات سنوية من 49 مليارا إلى 116 مليارا عن نفس الفترة بمعدل نمو سنوي قدره 13,7% ويتوقع أن تنفد الاحتياطيات بالكامل للنظام العسكري في عام 1442ه والمدني في عام 1458ه كما ارتفع عدد المتقاعدين في نظام التأمينات من 84 الفا الى 190 الفا خلال الفترة من 1424ه حتى 1434ه وبمعدل نمو سنوي قدره 10,6% وارتفعت المعاشات عن نفس الفترة من 2,8 مليار الي 14,8 مليارا بمعدل ارتفاع سنوي قدره 43% ويتوقع ان ترتفع المعاشات من 15,4 مليارا في عام 1435ه الى 38,8 مليارا في عام 1450ه بمعدل ارتفاع سنوي قدره 15%. وهنا لا بد من تدوين ملاحظة مهمة وهي أنه كلما زاد عدد المشتركين ارتفع العجز الاكتواري وبعد ذلك العجز الحقيقي ما دام أن الأنظمة الثلاثة كلها غير ممولة بالكامل. وقد أوضحت المؤسسة العامة للتقاعد ان الاحتياطي للنظام المدني سينفد في عام 1458ه والعسكري في عام 1442ه حيث سيستمر ارتفاع العجز حتى يصل في عام 1459ه بعد اربع وعشرين سنة فقط الى 191 مليارا في النظام المدني والعسكري الاستنتاج من الأرقام والمؤشرات السابقة (حتى لو كانت التقديرات مختلفة عن الواقع بنسبة 10% زيادة أو نقصاً) يمكن استنتاج الآتي : - أن هناك عجزاً في مصروفات النظام العسكري بدأ من عام 2012م وسيستمر في الارتفاع بشكل سريع وكبير وبالطبع هذا العجز سيزداد لو عدلت المنافع بدون ما يقابلها من إيرادات. - أن التقاعد المدني حتى لو كان أحسن حالاً من العسكري إلا أنه سيلحق به قريباً. - أن صندوق التأمينات في وضع أفضل لكنه سيلحق بالصندوقين الآخرين (المدني والعسكري) في حدوث العجز مع العلم أن المبالغ المصروفة في نظام التأمينات تنمو بنسبة أعلى. الاحتياطي للنظام المدني سينفد في 1458ه والعسكري في 1442ه والعجز سيرتفع بعد 24 سنة إلى 191 مليار ريال - بالطبع الأرقام المشار إليها افترضت في ظل عدم وجود تعديلات في المعاشات والاشتراكات ولو عدلت المعاشات سيزداد الوضع سوءاً بشكل مخيف وسريع ولو رفعت الاشتراكات سيتحسن الوضع تبعاً لنسبة الزيادة. وتخلص المذكرة التفسيرية للمقترح الى أن أنظمة التقاعد العسكري والمدني والتأمينات بهذا الترتيب ستواجه مشكلات تمويلية وستواجه عجوزات خطيرة في المستقبل مع الملاحظة أن مدة عشرين أو ثلاثين عاماً تعتبر قريبة بالنسبة للأنظمة التقاعدية. ويشير المقترح الى انه مع القناعة بأن المعاشات الدنيا في الأنظمة الثلاثة غير كافيه لمواجهة الأعباء الضرورية للمواطن أو المواطنة وهم يستحقون أفضل من ذلك إلا أن رفع المعاشات أو المطالبة برفعها بدون رفع التمويل اوالمطالبة برفعه كمن يستعجل في حفر قبره. ويضيف ان تسييل احتياطيات أي من الصناديق المشار اليها سيخلق وضعاً غير مرغوب فيه في سوق الأسهم السعودية وسيكون خطيراً قد يؤدي الى نكسة في السوق لو تم التسييل بشكل كبير. من ذلك يظهر أن استثمار جزء من الاحتياطيات في الخارج فيه حكمة مقصودة حيث يمكن تسييل الاستثمارات بدون مشاكل داخلية. ولذلك لا بد من إجراء تعديلات في الأنظمة الثلاثة للحد من المصروفات غير المقبولة (سن التقاعد والتقاعد المبكر). ويصعب رفع الاشتراكات التي تدفع من قبل المشتركين في الأنظمة الثلاثة حيث أن مستوى الرواتب والأجور بشكل عام لا يساعد على ذلك. كما يشير المقترح الى ان هذه الأنظمة لو واجهت مشاكل بدون حل لا سمح الله سيترتب على ذلك عواقب أمنية واجتماعية. ويضيف إذا كانت الأنظمة ستواجه صعوبات مالية بالرغم من بعض التعديلات ومن غير المرغوب زيادة الاشتراكات وما سينتج عن ذلك من تداعيات خطيرة فما هو الحل؟ أنشأت النرويج صندوقاً احتياطيا من إيرادات البترول أطلق عليه في البداية الصندوق البترولي للنرويج وغير اسمه في عام 2006 الى الصندوق الحكومي التقاعدي ووصلت المبالغ فيه بنهاية سبتمبر 2013م الى 783 بليون دولار أمريكي مع العلم أن سكان النرويج في عام 2010 كانوا 4,9 ملايين واتبع الصندوق سياسة استثمارية بالاستثمار في خارج النرويج والحكمة من ذلك تلافي إحداث تضخم في السيولة المحلية وتلافي نتائج التذبذب في الاقتصاد النرويجي بسبب أسعار البترول. تتمتع المملكة بفضل الله بفوائض مالية كبيرة بسبب ارتفاع أسعار البترول والإنتاج في نفس الوقت حيث إن اقتصاد المملكة يعتمد بشكل شبه مطلق على إيرادات البترول التي تصل في الوقت الحالي الى ما يقارب 95% من الناتج المحلي. وهذه فرصة كبيرة سيصعب استمرارها أو تكرارها لذا لا بد من الاستفادة المثلى منها لحماية المواطنين والأجيال القادمة ولا شك أن الصناديق التقاعدية في المملكة تمس حياة جميع المواطنين والمواطنات صغاراً وكبارا بشكل مباشر في الأغلب أو غير مباشر في حالات قليلة. من جميع المعطيات السابقة يأتي مقترح إنشاء الصندوق الاحتياطي للتقاعد وفق النظام المقترح المرفق والذي سيمكن المملكة من الاحتفاظ بجزء من الفوائض للأجيال القادمة وسيزيل الحرج عن الدولة من الضغوطات الخارجية لاستخدام وفورات الميزانية لأغراض لا تخدم الوطن حيث سيكون السبب واضحاً بأن هذه الأموال لأغراض صناديق التقاعد. وفي نفس الوقت سيمكن الدولة من تحسين المعاشات والاهم من ذلك درء المخاطر التي تحدق بدون شك بصناديق التقاعد العسكري والمدني والتأمينات. تنظيم الصندوق تطرقت المذكرة الى تنظيم هذا الصندوق الذي يسمى (الصندوق الاحتياطي للتقاعد) بهدف تكوين احتياطيات من خلال الموارد المنصوص عليها بموجب ذات النظام والعمل على استثمارها لغرض الدعم المالي لصناديق التقاعد المدني والعسكري والتأمينات الاجتماعية عند الحاجة وفق أحكام هذا النظام. ويتمتع الصندوق بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، ويتم إدارته وفق أحكام هذا النظام، يتولى المجلس الاقتصادي الأعلى ممارسة الإختصاصات المتعلقة بتعيين أعضاء مجلس الإدارة فيما عدا الرئيس ونائبه ومحافظ المؤسسة العامة للتقاعد ومحافظ المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية واعتماد الحساب الختامي والتقرير السنوي للصندوق واعتماد الإستراتيجية الاستثمارية للصندوق وكذلك اعتماد الدعم المالي لأي من الصناديق التقاعدية وتحديد مكافأة أعضاء مجلس الإدارة. ويتكون مجلس الإدارة من تسعة أعضاء وهم: أمين عام المجلس الاقتصادي الأعلى رئيساً ، أمين عام الصندوق نائبا للرئيس، محافظ المؤسسة العامة للتقاعد، محافظ المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، ممثل عن متقاعدي نظام التقاعد المدني، ممثل عن متقاعدي نظام التقاعد العسكري، ممثل عن متقاعدي نظام التأمينات الاجتماعية، أحد أصحاب الخبرة، ممثل عن وزارة المالية يرشحه وزير المالية. وتتكون موارد الصندوق من جزء من الفائض السنوي للحساب الختامي للدولة، وما يخصص للصندوق من الميزانية العامة للدولة، العوائد الناتجة عن استثمار موارد الصندوق، الهبات والوصايا المتبرع بها للصندوق، الموارد الأخرى التي تخصص للصندوق بنص نظام آخر أو قرار من المجلس الاقتصادي الأعلى. سليمان الحميّد