رغم مرور أكثر من 2500 عام، على عبارة مؤسس الفلسفة الأخلاقية، سقراط: "لا يمكن الإشادة بالرجل الثري حتى نرى كيف يوظف ماله"، إلا ان الفلسفة الإغريقية لا تزال حاضرة وبقوة في عصر المسؤولية الاجتماعية للشركات، يعززها قيام أكثر من 5500 شركة حول العالم بإصدار تقاريرها للاستدامة عام 2012، مقارنة ب 800 شركة فقط خلال العقد الماضي وفق دليل مختص بتقارير المسؤولية الاجتماعية. ووسط زيادة تقدر بنحو 1.8 و 2.5% في العوائد على أصول الشركات، ارتبطت فقط بمسؤوليتها الاجتماعية، بحسب ما نشر أخيرا في مجلة " فوربس"، يرى متابعون أن تقرير المسؤولية الاجتماعية، أو ما يعرف ب "تقرير الاستدامة"، بات واحداً من الملفات الهامة المطروحة أمام طاولة الرؤساء التنفيذيين للشركات السعودية، تفرضها العوائد المترتبة على إفصاح الشركات بشأن أنشطتها المسؤولة. وبحسب رأي المتابعين فإن تزايد انشطة المسؤولية الاجتماعية في المملكة، لا يعني بالضرورة انعكاسها ايجابا على سمعة أو اداء الشركات، وذلك يعود لإخفاقها في دمج الاعتبارات الاجتماعية والبيئية في عملياتها الاستراتيجية ادماجا كاملا، أو عدم انتظامها في إصدار تقاريرها المستدامة. يقول ل "الرياض" منصور رجا آل نميس وهو متخصص في هذا الجانب، ان اللغة الحديثة للمسؤولية الاجتماعية لم تعد تعني فقط التصرف بضمير في مجال الأعمال التجارية، بل بات التأكيد على ادائها غير المالي، عبر تقارير المسؤولية الاجتماعية، هي اللغة الرسمية للتعريف بالأنشطة المستدامة للشركات وترسيخ ادوارها المسؤولة. ويضيف آل نميس بالرغم من تطور بيئة الأعمال الاجتماعية في السعودية، حيث تنفق العديد من الشركات أموالا وجهداً من اجل أنشطتها المستدامة، إلا أن عددا كبيرا منها يغفل جانب "الإفصاح"، في حين يعد التقرير أحد أهم مراحل تبني المسؤولية الاجتماعية، حيث تتزايد الضغوط العالمية على الشركات للانتقال لمستويات متزايدة من الشفافية والإفصاح بشأن الممارسات المسؤولة. ويوضح آل نميس، بأن قراءة مستقبل المسؤولية الاجتماعية في العالم، تشير إلى أن الجيل القادم من قادة الأعمال والمديرين التنفيذيين للشركات هم أكثر حرصاً على اعطاء الأولوية للمسؤولية الاجتماعية، وبالتالي أكثر وعيا بآثار تقارير المسؤولية الاجتماعية على أداء الشركة وتنافسيتها، ويأتي على رأسها تعظيم القيمة المضافة للشركة والتقليل من حده الأخطار المحتملة وخفض التكاليف وتحسين كفاءة الأداء التي تنعكس في نهاية الأمر على أصولها. ووفقا لدراسة نفذها مركز مواطنة الشركات بكلية بوسطن عام 2013، أوضحت أن 97% من الشركات التي شملتها الدراسة خصصت ميزانية تشغيل لمواطنة الشركات مقارنة ب 81 % في عام 2010. وهي أرقام يراها متابعون، إشارة إلى أن مسألة إعداد تقارير المسؤولية الاجتماعية بات أمراً أساسياً في ظل الانتقال من عصر العمل الخيري إلى عصر المشاركة في التنمية المستدامة.